أدت التطورات التي واكبت نهاية الجولة الثالثة للموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان إلى فرض قراءة جديدة للمعطيات التي برزت في الساعات الأخيرة، ما عطل الكثير من الخطوات التي كان ينوي القيام بها في ختام زيارته إلى بيروت. وبحسب مراجع سياسية وديبلوماسية، فإن ما يطالب به لودريان من خطوات عملية تؤدي إلى جلسة انتخاب الرئيس ودورات متتالية حتى انتخابه ما زال يحتاج إلى بعض الوقت، وذلك لامرار المرحلة بأقل الخسائر الممكنة ولئلا تضيع أهداف المبادرة الفرنسية ما لم تكتمل التحضيرات المؤدية إلى إنجاحها.


 

 قرر لودريان مواجهة مجموعة المخاوف والهواجس التي كانت لديه قبل جولته الثالثة، وذلك بجهود إضافية داخلية وخارجية. ولعل نجاحه في معالجة الكتلة النيابية السنية بدعم سعودي أعطى دفعا للاقتراحات الفرنسية، حيث شكلت هذه المحطة نقطة تحول في جولته الأخيرة.

وبحسب المراجع، فإن "الطحشة" الديبلوماسية السعودية أعطت دفعا للاقتراحات الفرنسية لمجرد نجاحها في الربط بين جانبين مهمين، وهو ما تجلى في لقاء بين سفيري السعودية وقطر في لبنان، وما انتهى إليه من تنسيق لبعض الخطوات الداعمة للحراك الفرنسي.

وقياسا إلى ما انتهت إليه هذه الحركة، فقد رصدت المراجع تغييرات كبيرة في المشهد الانتخابي قد يؤثر إيجابا في إعادة النظر بالمعادلة النيابية السلبية بحيث يمكن أن تشكل خرقا يخرج الاستحقاق الرئاسي من خندق المواجهة بين المرشحين الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور باتجاه لائحة أخرى من المرشحين يتقدم فيها اسم قائد الجيش العماد جوزف عون بالإضافة إلى أسماء أخرى لا يستبعد أن تطرح في الأيام القليلة المقبلة.

وبناء على هذه المؤشرات، تعزز الاعتقاد في أوساط مراقبة أن تمديد مهمة لودريان التي انعشتها هذه الخطوات، لربما انعكست تأجيل الخطوتين بانتظار تقدير الظروف التي تؤدي إلى إحيائهما ان دعت الحاجة إليهما.

وبحسب المراجع، فإن هناك احتمالين: إما أن يؤجل رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة إلى "طاولة الأيام السبعة" كما بالنسبة إلى الطرح القطري الذي كان ينتظر نتائج جولة لودريان. فان تحقق الأمران ستكون البلاد أمام منعطف جديد ينجو بالاستحقاق الرئاسي إلى مرحلة أخرى ولن يطول الوقت لتتكشف معالمها.

وبناء على ما تقدم، لا يمكن للمراجع المراقبة أن تحسم مثل هذا النقاش قبل أن تأتي الأيام المقبلة بالخبر اليقين. فإما يمضى بري في توجيه الدعوة إلى طاولة الحوار وتقديم ما يبرر استعجاله لهذه الخطوة، أو يجمدها. وكذلك بالنسبة إلى البعثة القطرية التي سبقت وواكبت وصول السفير القطري الجديد إلى بيروت، فان واصلت اجتماعاتها وانتقلت من "العتمة" التي غلفتها إلى "الضوء" ستتغير أمور كثيرة، وان جمدت حراكها فان ذلك سيشكل رسالة بالغة الأهمية تدل إلى أن مهمة لودريان لم تنته بعد.

وعليه، فان الأنظار تتجه في الأيام القليلة المقبلة إلى الحراك المتوقع على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وتحديدا على مستوى الخماسية لقراءة المحطات المقبلة وتوقع ما هو ممكن من خطوات بمعزل عن تمنيات ورغبات البعض بالنجاح أو بالفشل.


المصدر : المركزية