كتب أنطوان فرح في الجمهورية: هناك مجموعة من الأهداف للزيارة التي قام بها وفد صندوق النقد الدولي الى بيروت الاسبوع الماضي، والتي انتهت ببيان تعدّدت القراءات في تفسير مضمونه، لكن الهدف الرئيسي للزيارة تمثّل في...


 

الهدف الرئيسي لزيارة صندوق النقد الدولي إلى بيروت:

كان الهدف الرئيسي لزيارة وفد صندوق النقد الدولي إلى بيروت في الأسبوع الماضي هو حسم البند المتعلّق بالخسائر والودائع، للبناء عليه في التعاطي مع الدولة اللبنانية في المستقبل.

مسألة جوهرية:

منذ توقيع الاتفاق الأولي على مستوى الموظفين في نيسان الماضي، برزت مسألة جوهرية تتعلق بتوزيع الخسائر، وملف الودائع، على أنها نقطة مبهمة، تعمّدت «الدولة» أن تكون كذلك، لأنها لم تجرؤ على مكاشفة المواطنين بموافقتها على شطب القسم الأكبر من الودائع، بذريعة أن نجاح خطة التعافي صعب، اذا كانت هناك التزامات مالية كبيرة، مطلوب من الخزينة تسديدها.

مشكلتان:

المشكلة في هذا الملف، لا تقتصر على خطورة موافقة السلطة على مبدأ الشطب، بل تتمدّد الى مسألة محاولات التذاكي على المواطنين، وعلى صندوق النقد.

  • محاولة تضليل المواطنين:

كانت الدولة تقول للناس ان اموالهم مؤمّنة، وانّ الودائع مقدسة، وان لا صحة لما يُقال في شأن شطب الودائع في الخطة التي وضعتها الحكومة.

  • محاولة تضليل صندوق النقد:

وفي المقابل، كان المسؤولون في الحكومة يخاطبون صندوق النقد بلغة التطمين الى انهم أقرّوا الخطة كما تم الاتفاق عليها، اي ضمان 100 الف دولار لكل المودعين، وشطب ما تبقى بوسائل متعددة.

ازدواجية ومحاولات التذاكي:

هذه الازدواجية ومحاولات التذاكي، تكشف عن عدم وضوح الرؤية لدى السلطة، وعدم رغبتها في مواجهة الحقيقة، ومحاولة التملص من مسؤولياتها.

متابعة صندوق النقد:

في هذه الأثناء، كان المسؤولون عن الملف اللبناني في صندوق النقد يتابعون عن كثب ما يجري على خطين:

  • عدم تنفيذ الإجراءات:

الخط الأول يتعلق بتنفيذ الدولة الاجراءات التي تعهدت بها، كممرات الزامية للوصول الى توقيع الاتفاق النهائي مع الصندوق، وقد تبيّن ان تنفيذ هذه الاجراءات لم يصل الى نسبة 20% مما هو مطلوب.

  • غموض خطة التعافي:

والخط الثاني يتعلق بخطة التعافي، والتي تحولت الى لغز، بحيث انها كادت ان تضيع بين الحكومة والمجلس. السلطة التنفيذية تدّعي انها انجزت وارسلت الخطة الى المجلس للمناقشة، والسلطة التشريعية تدّعي انها لم تتلق اية خطة للنقاش.

وتأتي زيارة صندوق النقد الدولي إلى بيروت، للكشف عن حقيقة الوضع اللبناني، الذي يعاني من أزمة مالية واقتصادية خانقة، وضعف في مؤسسات الدولة، وعدم وضوح الرؤية لدى السلطة.

 

مسألة شطب الودائع:

قرار شطب الودائع، هو قرار صعب على أي دولة أن تتخذه، لأنه يمس بحقوق المواطنين، ويؤدي إلى فقدان ثقتهم بالنظام المصرفي. لكن في حالة لبنان، فإن هذا القرار ضروري لإصلاح الاقتصاد، ومعالجة الأزمة المالية.

محاولة تضليل المواطنين:

محاولة تضليل المواطنين، هي محاولة بائسة وغير مسؤولة من السلطة، لأنها تؤدي إلى تفاقم الأزمة، وزيادة الشعور بالظلم لدى المواطنين.

محاولة تضليل صندوق النقد:

محاولة تضليل صندوق النقد، هي محاولة غير مجدية، لأن صندوق النقد يمتلك معلومات دقيقة عن الوضع اللبناني، وسيكشف أي محاولة للتلاعب.

عدم تنفيذ الإجراءات:

عدم تنفيذ الإجراءات، هو دليل على عدم جدية السلطة في الإصلاح، وهو ما سيؤدي إلى تعثر المفاوضات مع صندوق النقد.

غموض خطة التعافي:

غموض خطة التعافي، هو دليل على عدم وضوح الرؤية لدى السلطة، وعدم وجود توافق بين مختلف الأطراف على الحلول اللازمة.

 

ختاماً، تأتي زيارة صندوق النقد الدولي إلى بيروت، كانت بمثابة صفعة قوية للسلطة اللبنانية، والتي أظهرت عدم قدرتها على إدارة الأزمة، وعدم جديتها في الإصلاح.


المصدر : الجمهورية