كتبت رشا الجميّل:


بادئ ذي بدء، لمن يرى الوطنيّة مرادف العنصريّة، "أنا رَبّ العنصريّة"، وبكل فخر واعتزاز. فما من وطن أعلى من وطني وما من شعب أغلى من شعبي وما من مصلحة أسمى من مصلحة بلدي. من هنا يسعدني ويشرّفني أن أُبلّغ سلفاً "المُتأنسِنون" "مِن كْيس" لبنان واللّبنانيّون، أنّ ما سيقرأونه الآن "ما رح يعجب خاطِرُن"، "منيح؟!... منيح".


حسناً، عام ١٩٧٦ سَطَت سوريا الأسد بنظامها الإرهابيّ التّرهيبيّ على لبنان، ما نَتَجَ رجال لبنانيّين شهداء، نساء لبنانيّين أرامل، أطفال لبنانيّين أيتام، مقاتِلين لبنانيّين معوَّقين، مقاوِمين لبنانيّين مفقودين، مناضِلين لبنانيّين مسجونين، عائلات لبنانيّة مشرَّدة، قادة لبنانيّين مغتالين، شعب لبنانيّ "بإمّو وأبوه" مُضطّهَد مقموع، مهدَّد بفبركة ملفّات بأيادي لبنانيّة عميلة، "تُتَختِخ" عضمه بين أروقة وزارة الدّفاع.
عام ٢٠٠٥، طُرِدَ ذاك النّظام الحثالة بكل إزلال وهزيمة من لبنان، بَعدَ أن صَرَخَ ثوّار الأرز بصوت واحد موحَّد "ايه يَلّا... سوريّا طلَعي برّا... فاجأناكُن مو؟!...". وفعلاً خرجت سوريا "برّا" وفعلاً فاجأناها، آخذاً معها الموضوع ثلاثة سنوات لتستوعبه فتعترف رسميًّا بال٢٠٠٨ بإستقلال لبنان من وصايتها.


المهمّ، في ال٢٠٠٥ غادر "طرداً" حوالي ٠٠٠ ٣٥ جنديّ سوريّ من لبنان نتيجة الثّورة اللّبنانيّة بوجه النّظام السّوريّ في لبنان، ليعود في ال٢٠١١ حوالي ٠٠٠ ٥٠٠ ١ مواطن سوريّ إلى لبنان نتيجة الثّورة السّوريّة بوجه النّظام السّوريّ في سوريا. "يعني عالحالتين نحنا اللّي طلُعنا آكلينا".
تقاسموا معنا فرص العمل حتّى شَحَّت فرص العمل. تقاسموا معنا القمح حتّى شَحَّ القمح. تقاسموا معنا المحروقات حتّى شَحَّت المحروقات. تقاسموا معنا المواد المدعومة حتّى شَحَّت المواد المدعومة. تقاسموا معنا كل شيء حتّى شَحَّ كل شيء. في حين نحن الشّعب اللّبنانيّ ذو عزّة نفس وكرامة، لم نتقاسم معهم مساعدات الأمم المتّحدة والجمعيّات الدّوليّة والدّول المانحة، التي هي مساعدات لا تُحصى ولا تُعَد. في حين نحن الأحَق بها، "ما نحنا اللّي عم نُصرُف عالسّوري".


من هنا، "صار لازم بقى نقول" بكل صراحة ووضوح للضّيف الثّقيل (اللّاجئ السّوريّ)، "اللّي ما عم يعرف يحسّ عَ دَمّو"، أُخرُج من وطننا. فاللّاجئون السّوريّون، هم ضيوف عرفوا مقولة "يا ضيفنا لَو زرتنا، لوجدتنا نحن الضّيوف وأنت رَبّ المنزل"، وتصرّفوا في لبنان على هذا الأساس، وكأنّهم هم أرباب المنزل (لبنان). ولكن على الأرجح لم يعرفوا مقولة "يا غريب كُن أديب"، فما كان منهم إلّا سرقة أرزاقنا واغتصاب نساءنا وقتل رجالنا وخطف أبنائنا...، حتّى بتنا نحن اللّبنانيّين في بلدنا لبنان، نخشى طرقاتنا ليلاً نهاراً عَسى أن يأتينا سوريّ من حيث لا ندري "وتوقَع الواقعة".
فَيا دولتنا العزيزة، إن وُجِدتي، أَوقفي اليوم الإحتلال السّوريّ المبطّن باللّجوء الإنسانيّ. ولَو مهما كان هذا الأمر صعب عليكِ، لن يكون أصعب من إيقافك غداً الغضب الشّعبيّ اللّبنانيّ الوطنيّ بوجه هذا الإحتلال السَّرَطانيّ الخبيث الذي يتآكل لحمك وينهش عظمك ويقطع أنفاسك... يقتلك.
أخيراً وليس آخراً، هذا الموضوع لن نسكت عنه ولن نستكين به، "بترضى علينا الأمم المتّحدة وَلّا ستّين ألف سنة ما ترضى، وغَيرا بضَهر البَيعة". فالوجود السّوريّ في لبنان عامل مؤثِّر سلباً على كافّة النّواحي اللّبنانيّة، الدّيموغرافيّة، الأمنيّة، الإقتصاديّة، الإجتماعيّة، والسّياسيّة... "بالوقت اللّي نحنا مش مضطّرين أبداً"، فلتشتري لهم الأمم المتّحدة جزيرة ليعيشوا بها. لبنان أرض وَقف، لا أرض تخييم، "هون مخيّمات سوريّة وهون مخيّمات فلسطينيّة... خلُصنا بقى!!!".


ختاماً، نعم بغضب وبغض أكتب عن هذه القضيّة، كيف لا وفي وطنيّتي جرح لم يُختَم بَعد، ولن يُختَم ما دام لا يزال حتّى تاريخنا هذا نساء لبنانيّات تلبسنَ الأسود من عشرات وعشرات السّنوات على شهدائهنّ الذين سقطوا على يد النّظام السّوريّ الإرهابيّ، وما دام لا يزال حتّى تاريخنا هذا معوَّقين لبنانيّين كانوا ضحيّة إجرام النّظام السّوريّ الإرهابيّ، وما دام لا يزال حتّى تاريخنا هذا مفقودين لبنانيّين ربّما لا يزالوا ليومنا هذا معتقلين في سجون النّظام السّوريّ الإرهابيّ، وربّما قُتِلوا على يَد هذا النّظام الشّيطانيّ ولَم يَعُد لهم أي أثَر، وما دام هناك عملاء لبنانيّين في البرلمان والحكومات والمؤسّسات...، عابثين بلبنان واللّبنانيّين، أزلام النّظام السّوريّ الإرهابيّ.


"وقَبِل ما حُط نقطة عالسّطر"، "أوعى حدا يقول النّظام شي والشّعب شي". فالقاصي والدّاني يَعلَم أنّ سوريا ليست نظام وشعب، بل نظام ومخابرات مدنيّة مسلَّحة لصالح النّظام، والإنتخابات السّوريّة الأخيرة في السّفارة السّوريّة في لبنان خير دليل. لذا "ومن الآخر"، كل من يَحمُل الهويّة السّوريّة "ايه، عنّا مشكلة معو"، وفقط إنصافاً نستثني السّوريّين المعارضين لنظامهم، "نقطة عالسّطر"


المصدر : الشفافة