على الرغم من أنّ وليد جنبلاط معروف بمواقفه السياسية المتقلبة أو «البراغماتية»، إلّا أنّ مواقفه الأخيرة في ما يتعلّق بالملف الرئاسي تطرح علامات استفهام عدّة، نظراً إلى أنها استهدفت السعودية وحزب «القوات اللبنانية».


على الرغم من تقلب مواقف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، إلا أن مواقفه الأخيرة بشأن الانتخابات الرئاسية في لبنان تثير العديد من الاستفهامات والتساؤلات. يُعتبر جنبلاط واحدًا من الشخصيات السياسية اللبنانية المؤثرة والمتميزة بسجله الطويل في العمل السياسي، وقد كان له دور بارز في العديد من الأزمات والأحداث السياسية في لبنان على مر العقود.

تجدر الإشارة إلى أن جنبلاط معروف بمواقفه السياسية المتقلبة، والتي يطلق عليها في بعض الأحيان تسمية "البراغماتية". وهذا يعني أنه يميل إلى تغيير مواقفه بناءً على الأوضاع والمصالح السياسية في اللحظة. وهذا الأمر قد أثار الكثير من التساؤلات حول مدى توجهه السياسي الحقيقي وتصميمه على تحقيق أهداف معينة.

مع ذلك، فإن مواقفه الأخيرة بخصوص الملف الرئاسي في لبنان قد جذبت انتباه الجميع. فقد استهدف جنبلاط بشدة المملكة العربية السعودية وحزب القوات اللبنانية، وهما من أبرز القوى السياسية في لبنان. السعودية، على سبيل المثال، أعربت علانية عن دعمها لعملية انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وقامت بمبادرات وجهود مستمرة من أجل تحقيق هذا الهدف. وهناك لقاءات دائمة بين عدد من الشخصيات السياسية اللبنانية والمسؤولين السعوديين بهدف التواصل والتنسيق.

على الجانب الآخر، تأتي مواقف المعارضة اللبنانية التي ترفض بشدة ترشيح الشخصيات المرتبطة بحزب الله أو التي يتم ترشيحها بموافقته، وتدعو بدلاً من ذلك إلى إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة بمشاركة شاملة. وقد قامت بالتظاهرات والحملات الشعبية للضغط من أجل تحقيق هذا الهدف.

يبقى السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت مواقف جنبلاط تعكس توجهًا جديدًا في سياسته أم أنها مجرد تصريحات تكتيكية في إطار الصراعات السياسية المعقدة في لبنان. ومن المهم أيضًا أن نفهم الدوافع والمصالح الكامنة وراء هذه المواقف الجديدة، خصوصًا في ضوء الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان من النواحي الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

ومن الجدير بالذكر أن هناك جهودًا دولية مستمرة من قبل دول مثل فرنسا وقطر للتوسط بين الأطراف المتنازعة في لبنان من أجل تحقيق تسوية سياسية وإجراء انتخابات رئاسية. ومع ذلك، فإن هذه الجهود لم تحقق حتى الآن أي تقدم ملموس، ويبدو أن الصراعات السياسية والصراعات الإقليمية ما زالت تعيق عملية انتخاب رئيس جديد في لبنان.

إذاً، يتعين على مراقبي الشأن اللبناني أن يتابعوا تطورات الوضع السياسي بعناية، حيث تظل لبنان في مركز اهتمام دول الجوار والمجتمع الدولي بشكل عام. ويتوقع أن تستمر الضغوط الداخلية والدولية لإيجاد حلاً للأزمة اللبنانية المستمرة، خاصةً مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

باختصار، تظل مواقف وليد جنبلاط وتصريحاته الأخيرة حول الأزمة الرئاسية في لبنان محل تساؤلات وتحليلات مستمرة، وهي تعكس تعقيدات الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد. إن مستقبل لبنان وقدرته على تجاوز هذه التحديات الكبيرة مازالت قضية غير محسومة، وما تزال المساعي الدولية مستمرة للمساهمة في حل هذه الأزمة المعقدة.