"تحالف" السياسة والدين يلحق الأذى بالشعب الفقير!
02-10-2023 11:53 PM GMT+03:00
الأنظمة السياسية تلعب دورًا حاسمًا في تأثيرها على الحياة النفسية للمواطنين، حيث تشكل السلطة السياسية نظامًا تربويًا يعكس إيديولوجيتها. هذه النظم تسعى إلى السيطرة على شعوبها وتشكيلهم للحفاظ على هويتها وسلطتها، وهي تعمل على تعزيز نفسيتها من خلال هذا النظام التربوي. بشكل أدق، تعتبر السلطة السياسية نفسها جزءًا لا يتجزأ من هذا النظام وتعمل على تعزيز هويتها من خلاله. وبالتالي، يمكن أن تكون السلطة المسؤولة عن خلق مجتمع نفسيًا معقدًا ومشوشًا.
فيما يتعلق بالواقع اللبناني، يمكن رؤية تأثير السلطة السياسية على الصعيدين النفسي والاجتماعي بوضوح. فقد تمكنت السلطة السياسية، وخصوصًا الأحزاب الطائفية، من تحويل المجتمع اللبناني إلى مجتمع مضطرب نفسيًا ومشوه اجتماعيًا. تم استخدام الدين كوسيلة للتحكم في النفوس وجعل المواطنين ينجحون في تحقيق أهداف سياسية محددة.
تم تشجيع تأسيس الأحزاب الطائفية والمدارس التي تنتمي إلى الطوائف الدينية، مما ساهم في تعزيز الانتماء الديني وإشعال الانقسامات الطائفية. كما أدى ذلك إلى تقويض الانتماء الوطني والمواطنية. كان لزامًا على السلطة السياسية تحقيق ذلك من خلال استخدام الأحزاب والطوائف كوسائل للسيطرة والتلاعب بالمجتمع.
ومع ذلك، لم تكن الأحزاب الطائفية هي الجهة الوحيدة التي ساهمت في هذا الواقع. فقد تم استغلال المناسبات الدينية وتضخيمها لصالح السلطة السياسية، مما أدى إلى إثارة هستيريا دين-سياسية جماعية. تم تضخيم الأحداث والاحتفالات الدينية واستخدامها للتلاعب بالمشاعر والانفعالات الدينية للمواطنين. وكانت هذه الأحداث هدفًا سهلًا لتشكيل العقول وتحويلها إلى أدوات لخدمة الأجندة الدين-سياسية.
بشكل عام، أدت السلطة السياسية إلى تشكيل مجتمع لبناني مضطرب نفسيًا ومشوه اجتماعيًا. وقد تم تحويل معظم المواطنين إلى أدوات تعمل حسب أوامر السياسة والدين، دون أن يتركوا مجالًا للتفكير النقدي أو الاستقلالية. تعتمد السلطة السياسية على هذا الواقع للحفاظ على نفوذها وسيطرتها على الشعب، حتى يصبح الشعب مرتهنًا لأهدافها وتوجهاتها.
يبقى السؤال، متى سيتمكن هؤلاء المواطنون اللبنانيون الذين أصبحوا ضحية لهذه السلطة السياسية والدينية من تحرير أنفسهم والخروج من براثنها؟
المصدر : جنوبي