استنزاف مخزون العملة الأجنبية الخاص بلبنان، وانقضاء موسم الصيف مع توقف تدفق الأموال السياحية من المغتربين، وتفاقم الضغط على السوق النقدية، يواجه لبنان تحديات كبيرة للحفاظ على الاستقرار النقدي.


 

بعد استنزاف أموال حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي خلال هذا الشهر، ومع انقضاء موسم الصيف وتوقّف تدفّق أموال المغتربين السياحية، وفي ظلّ قرار مصرف لبنان عدم المسّ باحتياطي العملات الأجنبية لديه للتدخل في سوق الصرف، يتوقع أن ينقص حجم الدولارات المتاحة في السوق وقد يزيد الطلب عليها.

أموال السحب الخاصة المستنفذة على التزامات الدولة ساهمت في ضخّ حوالي 50 مليون دولار شهرياً منذ العام 2021 ولم تعد متوفّرة حالياً. أما أموال السياحة، فقد ساهمت في ضخّ حوالي 600 مليون دولار شهرياً في الفصل الثالث من العام الحالي وقد تقلّص هذا الإنفاق بشكل كبير. ومع ازدياد الطلب على الاستيراد خلال موسم الشتاء وزيادة استهلاك المحروقات للتدفئة واحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة، سيزيد الطلب على الدولارات.

ونتيجة لذلك، سيكون هناك نقص في عرض الدولارات في السوق، خصوصاً مع تأجيل تسديد معظم التزامات الدولة بالدولار مما يجعل البنك المركزي قد يضطر في النهاية إلى تأمين الدولارات اللازمة للسوق. هذا يثير تساؤلات حول مدى استدامة الاستقرار النقدي الحالي في لبنان ومتى قد يتغير الوضع.

الأدوات المالية والنقدية المستخدمة حالياً للحفاظ على الاستقرار النقدي ليست مستدامة وقائمة على توازن نقدي صناعي وعرض صناعي للدولارات. وهذا يعني أن الاستقرار النقدي في لبنان معرض للخلل في حالة وجود أزمات أمنية أو اجتماعية أو سياسية. المرحلة المقبلة قد تكون أصعب بسبب انقضاء عوامل مؤقتة مثل إيرادات السياحة وانقطاع التمويل من حقوق السحب الخاصة.

التحدّي اليوم هو مالي وليس نقدياً، والسياسة المالية المتّبعة ستكون المسؤولة عن الحفاظ على الاستقرار النقدي في المستقبل. يجب أن تتمثل الإجراءات المقبلة في توجيه السياسة المالية نحو تحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات الحكومية، وتأمين التمويل اللازم للتزامات الدولة.


المصدر : نداء الوطن