تعتبر إسرائيل من الدول الرائدة في مجال الاستخبارات والأمن، حيث تمتلك وكالات استخباراتية معروفة بالفعالية والنجاح في إحباط مختلف التهديدات على مر السنين. ولكن في الأيام الأخيرة، شهدت إسرائيل هجومًا غير مسبوق من قبل حركة حماس، أسفر عن مقتل العديد من الجنود والمدنيين وأثار تساؤلات كبيرة حول فشل الاستخبارات الإسرائيلية في التصدي لهذا الهجوم.


 

خلال السنوات السابقة، استمرت إسرائيل في مراقبة غزة بعيون مفتوحة تمامًا، حيث كانت مواردها الاستخباراتية تراقب بشكل دائم المنطقة المجاورة. مسيرات المراقبة كانت تحلق باستمرار في سماء المنطقة، والحدود كانت مؤمَّنة بشدة مزدحمة بالكاميرات الأمنية والجنود المشددين. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مكاتب للأمن السيبراني تعمل بجد على جمع المعلومات والتسريبات من داخل غزة.

ومع ذلك، كشف تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس عن أن "عيون إسرائيل" لم تكن في وضعها العادي خلال الهجوم الغير مسبوق الذي نفذته حركة حماس قبل بضعة أيام. في هذا الهجوم، تمكنت حماس من تحطيم الحواجز الحدودية الإسرائيلية وإرسال مئات المسلحين إلى داخل إسرائيل، مما أسفر عن مقتل المئات.

تعتبر وكالات الاستخبارات الإسرائيلية من الأكثر تقديراً على مر السنوات بسبب سلسلة من النجاحات. لقد نجحت إسرائيل في إحباط مخططات كانت تخطط لها في الضفة الغربية، وطاردت نشطاء حماس في الدول المجاورة، وقامت حتى بالتورط في اغتيال علماء نوويين إيرانيين في قلب إيران. وحتى عندما فشلت جهودهم، حافظت وكالات مثل الموساد والشين بيت والاستخبارات العسكرية على هيبتها وغموضها.

ومع ذلك، فإن هذا الهجوم الكبير في عطلة يهودية كبرى يلقي بظلال من الشك على هذه السمعة ويثير تساؤلات حول مدى استعداد إسرائيل لمواجهة عدو يفتقر إلى الإمكانيات الحربية المتطورة ولكنه مصمم بشدة.

هناك تحليلات تشير إلى أن السبب الرئيسي لهذا الهجوم الكبير على إسرائيل منذ سنوات يرجع إلى نقص معلومات مسبقة عن خطة حماس. على الرغم من قدرات إسرائيل الاستخباراتية الكبيرة، إلا أن حماس نجحت في الحفاظ على سرية خطتها. وعلى ما يبدو، لم تكن المخابرات الإسرائيلية على دراية بتفاصيل الهجوم الذي استغرق وقتًا طويلًا من التخطيط والتدريب والتنسيق بين مجموعات مسلحة متعددة.

تأتي هذه الأحداث في وقت تشهد فيه إسرائيل تشتتًا كبيرًا، حيث تركز جهود الجيش الإسرائيلي جزءًا كبيرًا من تركيزه على الضفة الغربية والاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد. على الرغم من هذا التشتت، فإن هناك درسًا مهمًا يجب أن يتعلمه الجميع من هذه التجربة المؤلمة.

تحذيرات كانت مطلقة من مصر حول "حدث كبير" قادم، ولكن الاهتمام الإسرائيلي تجاه الضفة الغربية والأحداث في القدس قد ألغى أهمية تلك التحذيرات. تشير التقارير إلى أن الجيش الإسرائيلي كان يركز بشكل رئيسي على تلك المناطق، ولم يعط ما يكفي من الاهتمام للتهديد القادم من غزة.

على الرغم من أن هناك تحليلات تشير إلى الفشل الاستخباراتي في هذه الحادثة، إلا أنه من المبكر اللوم على هذا الجانب فقط. هناك عوامل أخرى كانت مؤثرة، مثل موجة من العنف المنخفض المستوى في الضفة الغربية والفوضى السياسية داخل إسرائيل نتيجة للإجراءات التي اتخذتها حكومة نتنياهو. وقد هددت هذه الأحداث بتقويض تماسك الجيش الإسرائيلي.

في الختام، يبدو أن الهجوم الذي شنته حماس كان متقنًا للغاية ومنسقًا بشكل كبير. يجب أن تكون هذه التجربة درسًا هامًا لإسرائيل للتأكد من تعزيز استعداداتها لمثل هذه الأحداث المتوقعة في المستقبل.


المصدر : الشفافية نيوز