يواصل النزوح السوري الجديد إلى لبنان على الوتيرة المرتفعة نفسها كما الأشهر الأخيرة، بحسب معطيات أمنية. ويرجع سبب استمرار النزوح السوري الجديد إلى عدة عوامل، منها الوضع الأمني المتدهور في سوريا، والوضع الاقتصادي الصعب في لبنان، والوضع السياسي المتوتر في لبنان.


 

في سياق متصل، تنقل جهات التقت مسؤولين روساً أخيراً، أنّ موسكو تتوقّع مزيداً من النزوح السوري إلى البلدان المجاورة، لأسبابٍ اقتصادية، لأنّ المساعدات التي كانت تقدمها روسيا وإيران لسوريا على مدى السنوات الماضية توقفت بنسبة عالية جداً. وبالتالي إنّ الوضع الاقتصادي في سوريا إلى مزيدٍ من الانهيار والتراجع، ما يعني مزيداً من هجرة السوريين إلى الدول المجاورة ومن ضمنها لبنان.

وإذ يرى البعض أنّ هناك تسهيلاً أو دفعاً روسياً للنزوح السوري الجديد بهدف الهجرة عبر البحر إلى أوروبا، للضغط على الدول الأوروبية، يكرّر المسؤولون الروس أنّ موقفهم داعم لعودة النازحين، وموسكو كانت أوّل من طرح مبادرات في هذا الإطار.

بمعزل عن حقيقة الموقف الروسي من النزوح السوري، تشرح مصادر ديبلوماسية، أنّ أي مبادرة روسية على هذا المستوى ليست الّا «حبراً على ورق»، فلا إمكانيات أو وسائل لدى الروس لتطبيق أي خطة، إذ إنّ عودة ملايين النازحين السوريين من لبنان والأردن وتركيا إلى بلادهم، تتطلب تمويلاً، ولا يمكن أن تؤمّن روسيا هذا التمويل في غياب القرار السياسي العربي والغربي.

وبحسب المعطيات، يحاول يومياً حوالي 1000 سوري الدخول إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، على الرغم من الإجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني لضبط الحدود مع سوريا، والمقررات الحكومية وتهديدات قوى سياسية لبنانية باتخاذ إجراءات تحدّ من هذا النزوح.

 

كما أرخت عملية "طوفان الأقصى" الفلسطينية ضدّ إسرائيل تداعيات على لبنان، حيث اضطر الجيش إلى تعزيز وجوده وتشديد إجراءاته سواء على الحدود الجنوبية أو على مداخل المخيمات الفلسطينية لمنع أي عمل أمني يجرّ الويلات على البلد.

هذا بالتوازي مع عمل الجيش في الداخل، حيث يؤدّي مهمات أمنية عدة، ومنها أخيراً ضبط الإشكالات بين لبنانيين وسوريين وعمليات دهم مخيمات النازحين أو تجمعاتهم حيث يضبط أسلحة مختلفة، إضافةً إلى مهماته الاعتيادية الأخرى، ما يشكّل ضغطاً كبيراً على المؤسسة العسكرية.

 

إلى ذلك، يبقى احتمال اندلاع الجبهة الجنوبية مع إسرائيل قائماً، ما قد يدفع الجيش إلى نقل كثير من عديده إلى الحدود. وبالتالي، تؤثر هذه الوقائع كلّها على ضبط الحدود مع سوريا، والتي من الصعب أساساً ضبطها مئة في المئة بسبب الحاجة إلى مزيد من العديد فضلاً عن الطبيعة الجغرافية لهذه الحدود المتداخلة.

 

إضافة إلى ما سبق، تشير المصادر الديبلوماسية إلى أنّ لبنان لا يزال يشكّل هيكل دولة على الأقل، ويلتزم القانون الدولي، ولا يمكنه أن يلجأ إلى أساليب مخالفة لكلّ الأصول والأعراف، وأن يتحمّل خسارة آلاف الأرواح من النازحين خلال الهجرة غير النظامية بحراً إلى أوروبا.

 

يشكل النزوح السوري خطراً وجودياً على لبنان، والتراخي في معالجته قد يوصل إلى تكرار سيناريو اللجوء الفلسطيني المستمرّ منذ 75 سنة. لذلك يجب على لبنان اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه المشكلة، وذلك من خلال التعاون مع سوريا والدول العربية والغربية، وتقديم المساعدات الإنسانية للسوريين في سوريا، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.


المصدر : الشفافية نيوز