كتب معتز خليل


بات واضحا أن جماعة الحوثيين تحاول حاليا توسيع رقعة الحرب ومساندة حركة حماس في حربها ضد إسرائيل ، وهو ما تجلى مع: 

1-    الضربات التي تقوم بها الطائرات المسيرة الحوثية ضد إسرائيل 
2-    قيام إسرائيل بالتصدي لهذه الطائرات ، وهو ما أدى إلى سقوطها في الحدود المصرية مع التقارب الحدودي بين مصر وإسرائيل . 
3-    امتلك الحوثيين لطائرات مسيرة قوية ، وهي الطائرات التي بات من الواضح إنها تتمتع ببعض من الصفات ومنها: 

أ‌-    عدم قدرة منظومة الرادارات السعودية الشعور بهذه المسيرات رغم قدرة منظومة الدفاع الجوي السعودية المتطورة
ب‌-    القدرة التقنية لهذه المسيرات القادرة على الطيران من اليمن مرورا بالسعودية ثم مصر ومن ثم إسرائيل. 
ت‌-    امتلاك هذه المسيرات لقدرات تقنية متميزة جعلت حتى منظومة الدفاع الجوي في دولة الإمارات لا تستطيع التعاطي معها ، وهو ما أدى إلى إصابتها في وقت سابق لمواقع في العمق الإماراتي. 
غير آن هذه الرغبة الحوثية في استهداف إسرائيل بمسيّرات باتت واضحة ، بل ومعلنة ، حيث أعلنت ميليشيا الحوثي في وقت سابق أنها أطلقت مسيّرات نحو إسرائيل ردًا على الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن رئيس حكومة الحوثيين في اليمن عبد العزيز بن حبتور.
عموما بات من الواضح أن مصر ومع هذه التطورات باتت في عين العاصفة خاصة مع : 

1-    القرب الحدودي والعمق المتجاور بين مصر وإسرائيل 
2-    المسار الخاص بهذه الطائرات والذي يبدو أنه يقترب من الأراضي المصرية في النهاية. 
3-    بات واضحا أن مصر مهددة ، وهو ما ظهر في اللغة واللهجة الانفعالية لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي والذي قال في جولة له في سيناء صباح يوم الثلاثاء الموافق ٣١ أكتوبر أن مصر مهددة بالفعل جراء التهديدات الحالية. 
4-    تأكيد مدبولي على أن مصر لن تسمح أن يُفرض عليها أي وضع أو تصفية قضايا إقليمية على حسابها
ويمثل هذا التصريح بعدا استراتيجيا مهما خاصة وأن توالي الضربات الحوثية ضد إسرائيل فيما بات يعرف بعملية وحدة الساحات بات يصيب القاهرة بالقلق الشديد مع الضربات التي باتت تطولها بالنهاية.

العلاقة بين الحوثيين ومصر
عموما بات من الواضح أن العلاقة بين الحوثيين ومصر ليست في أفضل حالاتها ، خاصة وأن مصر تتوجس من أن يصبح مدخل البحر الأحمر في أيدي الحوثيين ، ومن خلاله يمكن السيطرة على حركة التجارة، بما ينعكس سلبا على حركة الملاحة في قناة السويس، الأمر الذي يعتبر مساسا بالأمن القومي المصري.
ومع متابعة الساحة الجغرافية لليمن سنجد أن الحوثيين يسيطرون على عدة محافظات شمالي اليمن، أبرزها العاصمة صنعاء التي اجتاحها مسلحو الجماعة في سبتمبر /أيلول 2014 بعد شهرين من سيطرتهم على محافظة عمران المجاورة.
كما يسيطر الحوثيون على كامل محافظات ذمار والبيضاء (وسط) وإب (جنوب غرب) وريمة والمحويت (شمال غرب) وعمران (شمال 
ومع هذا أيضا يسيطر الحوثيون على أغلب مساحات بعض المحافظات، منها الحديدة الساحلية الاستراتيجية غربي البلاد، والتي تملك أحد أهم موانئ اليمن.
أما محافظة الجوف (شمال شرق) التي ترتبط بحدود برية مع السعودية، فيسيطر الحوثيون على معظم مديرياتها بما في ذلك عاصمتها مدينة الحزم، كما يسيطر الحوثيون على أغلب مساحات محافظتي حجة وصعدة (شمال غرب)، بما في ذلك مركزا المحافظتين.
عموما فإن توزيع هذه الخريطة للسيطرة السياسية للحوثيين على المناطق اليمنية تزيد من قلق القاهرة ، التي تعلم تماما دقة الموقف السياسي ، كما أن هناك ما يمكن وصفه بعلامات الاستفهام التي يفجّرها التقدّم المفاجئ والمريب للحوثيين في اليمن، وازدادت التساؤلات حيرة، عقب ظهور تلميحات رسمية إيرانية تؤكد العلاقة مع الحوثيين، وأن تنظيمهم “أنصار الله” هو المرادف لتنظيم “حزب الله” في لبنان، بمعنى آخر أن طهران ترمي إلى السيطرة على أكبر قدر من المضايق العربية، للتحكم في حركة التجارة العالمية، وهو ما يعكس دقة المشهد السياسي في اليمن الآن؟
ونتيجة لهذا دعا حمزة الكمالي، عضو مؤتمر الحوار الوطني اليمني إلى تحرك دبلوماسي عربي تقوده مصر والسعودية لإنقاذ اليمن مما أسماه بـ”السيطرة الإيرانية” في ظل ضعف الحكومة عن مواجهة الحوثيين.
من جهته قال اللواء محمد مجاهد الزيات، رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط (سابقا) أن الموقف دقيق للغاية ، موضحا  صعوبة حدوث تدخّل عسكري عربي أو غربي في اليمن لمواجهة الحوثيين، منوها إلى أن رد الفعل الدولي تجاه ما يحدث لا يزال ضعيفا، فمجلس الأمن موقفه باهت، وواشنطن تدير الأزمة بقدر من اللامبالاة والسلبية، وصلت إلى حد اتهامها بالتواطؤ، محذرا من أن سقوط اليمن سوف يزيد النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما يرفع حجم المخاطر التي تحيط بالوطن العربي.
عموما فإن تقدم جماعة الحوثي نحو الجنوب فتح المجال لتكهنات كثيرة، جميعها يصب في اتجاه عدم استبعاد مضايقة مصر، في خاصرتها الجنوبية. لكن قائد القوات البحرية المصرية، الفريق أسامة الجندي، قال مؤخّرا، في تصريحات له على هامش مناورة “ذات الصواري”، إن مصر “تتابع الموقف في اليمن يوميا وتأثيره على مضيق باب المندب”.
وأضاف أن “أي خطورة على الأمن القومي المصري سيتم التعامل معها طبقا للموقف”، مشددا على “جاهزية القوات البحرية لحماية المياه الإقليمية والمصالح الاقتصادية والسواحل المصرية في جميع الاتجاهات”.
ونقلت بعض من الصحف العربية ونقلا عن مصادر مصرية مطّلعة أن القوات المسلّحة، عمدت في الآونة الأخيرة إلى تعظيم قدراتها البحرية للإبقاء على مصر كأكبر قوة بحرية في منطقة الشرق الأوسط، عبر إدخال عدد من القطع العسكرية البحرية إلى أسطولها.
وأوضحت مصادر مصرية نصا في هذه التقارير الصحفية ذات الطابع الأمني أن ما يجري عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر سيستمر ويتواصل ولكن سيظل في طور المناوشات، أو بمعنى أدق جس النبض، والغرض منه قياس رد الفعل المصري والسعودي، واختبار لمدى صلابة موقف بعض القوى الدولية. 
تقدير استراتيجي
عموما بات من الواضح أن تكرار الضربات الحوثية لإسرائيل سينعكس بصورة سلبية على مصر، وهو ما يفتح الباب نحو تحول  الحوثيين إلى تهديد حقيقي للأمن المصري .


المصدر : الشفافية نيوز