أعادت حرب غزة ترتيب التحالفات السياسية في لبنان، حيث شهدت الساحة مواقف غير متوقعة، ولقاءات من خارج السياق السابق، أبرزها جولة النائب جبران باسيل على سياسيين كان متخاصما معهم، وانهاء قطيعته مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، والتقائه رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الذي توترت العلاقة معه بسبب الاستحقاق الرئاسي.


وهدف باسيل من هذه الجولة هو تحصين الساحة الداخلية في وجه المخاطر التي تواجه لبنان، حيث قال في تصريحات له إن "لبنان على مفترق خطر وجودي كبير، يفترض إجراء تنازلات كبرى".

ويبدو أن حرب غزة فرضت معادلات سياسية جديدة، تقتضي رص الجبهة الداخلية لمواجهة أي تداعيات، وبالتالي تعزيز التفاهمات وارحة الوضع الداخلي.

ولعل أبرز تجليات هذا التقارب هو لقاء باسيل بوليد جنبلاط، حيث التقى الطرفان على مبدأ ضرورة الالتفاف حول المقاومة، ورفض الانجرار إلى حرب يتورط بها لبنان.

كما أجرى باسيل اتصالا آمنا مع الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، بداية الاشتباكات، وهذا الاتصال لا تزال مفاعيله قائمة حتى اليوم.

وفي جولته التشاورية، أعطى باسيل غطاء أمان ضد مواجهة حزب الله في البيئة المسيحية ومن اجل دعم عمل المقاومة، بشرط عدم تكرار "فتح لاند" واستخدام لبنان منصة صواريخ الفصائل غير اللبنانية.

وعلى الرغم من أن التيار الوطني الحر يتمسك بضرورة تحييد لبنان، مع الالتزام بحق الدفاع عن النفس في مواجهة أي "إعتداء اسرائيلي"، إلا أن باسيل أعاد تموضعه السياسي إلى جانب حزب الله، محققا عدة خطوات، أبرزها تمايزه عن موقف القوى المسيحية التي تصدر بيانات لا تعكس تأييدا للحزب.

ويرى المطلعون على العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر أن حرب غزة أعادت وصل ما انقطع من خطوط تعرضت للتلف، حيث أصبحت العلاقة بين الطرفين أفضل من السابق.

أما بالنسبة لسليمان فرنجية، فقد سعى إلى توحيد الموقف المسيحي في مواجهة المخاطر التي تواجه لبنان، حيث التقى بباسيل في محاولة لتجاوز الخلافات السابقة.

وعلى الرغم من أن فرنجية يبقى متمسكا بمرشحه للرئاسة، إلا أن حرب غزة قد تؤدي إلى تغيير في المعطيات، حيث قد يضطر حزب الله إلى تقديم تنازلات في هذا الملف.

وبشكل عام، يبدو أن حرب غزة قد أسفرت عن تغييرات في التحالفات السياسية في لبنان، حيث شهدت الساحة مواقف غير متوقعة، ولقاءات من خارج السياق السابق، في محاولة لرص الصفوف في مواجهة المخاطر التي تواجه البلاد.


المصدر : الشفافية نيوز