بين خطة طوارئ من دون تمويل لمواجهة حرب محتملة مع العدو الإسرائيلي، وبين مشروع موازنة يحوي عجزًا لا تمويل له، وبين تفريغ مُمنهج لإدارات الدولة ومؤسساتها، أصبح لبنان في مصاف الدول المُتحلّلة فعليًا.


مرافق الدولة التي تدر مالًا على الخزينة (نافعة والدوائر العقارية...)، مُتوقّفة بحجج لا تُبرّر بأي شكل من الأشكال توقفها، وحكومة تصريف الاعمال عاجزة عن دفع الكلفة التشغيلية للمرافق العامة، مما يجعلها رهينة الهبات والمساعدات الخارجية! بل أكثر من ذلك تعجز الحكومة عن تأمين الخدمات الأساسية للمواطن اللبناني، وهو ما ينفي علّة وجود السلطة برمّتها، بحسب ما تنصّ عليه النظرية السياسية.

هذا الوضع الذي وصل إليه لبنان هو نتيجة المنهجية المُتبعة في إدارة الدولة على مدى عقود. قرارات كانت (ولا زالت!) تُتخذ من دون دراسات، لمعرفة القرار الأفضل والتحوّط ضد المخاطر الناتجة عن هذه القرارات. ولعل قرار الصرف على أساس القاعدة الإثني عشرية وإعتمادات من خارج الموازنة على مدى إثني عشر عامًا، من أكثر القرارات الكارثية التي أدّت إلى دين عام يفوق التسعين مليار دولار أميركي. أكثر من ذلك قامت حكومة تصريف الاعمال بأخذ قرار التعثّر الإرادي، وعدم دفع إستحقاقات سندات اليوروبوندز، وهو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم بتأكيدٍ من المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي كان في صلب الحدث.

 

 

عمليًا، هذا التعثّر، يجب أن يكون له تبعات قضائية ،خصوصًا من ناحية معرفة أسماء الأشخاص أو المؤسسات التي إستفادت من تعثر دفع الدين العام ومحاسبتهم، في حال إثبات ضلوعهم في أخذ القرار الكارثي. لكن للأسف كلنا يعلم أن مؤسسة القضاء مُعطلة من قبل القوى السياسية، وبالتالي لن يكون له أي تبعات أو تداعيات.

والأصعب في الأمر، أن السلطة السياسية لا تزال حتى الساعة تقوم بأخذ قرارات من دون دراسة تداعيات قرارها، على مثال شطب الدين العام الوارد في الخطّة الحكومية، والذي سيقضي على أي أمل في إستعادة الودائع المصرفية، مع ما له من تداعيات على المدى البعيد. ولا يُحدّثنا أحد عن صندوق إستعادة الودائع، الذي تعمل عليه حكومة تصريف الاعمال من باب أن مشروع موازنة العام 2023 الذي رفضت لجنة المال والموازنة دراسته، يحوي على عجز.


المصدر : الشفافية نيوز