في قلب أحداث لبنان المعقدة، تتجلى إحدى التحديات الأكثر حدة في ملف النازحين السوريين، الذين أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من المشهد السياسي والاقتصادي اللبناني. تشهد البلاد تحولات مستمرة، وفي هذا السياق الدقيق، جاءت زيارة "طوفان الأقصى" لتفاقم التحديات، تاركة وراءها أثرًا كبيرًا على أفق الأولويات الوطنية. تحت وطأة ضغوط الأزمات المتعددة، وجاءت الزيارة الأخيرة لوفد لبناني إلى دمشق، بقيادة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، لتلقي الضوء على مستجدات قضية النازحين. ورغم أن الزيارة قد لاقت إيجابيات إعلامية، إلا أنها لم تبت بعد بشكل قاطع بخصوص ملف العودة والتحديات المحيطة به.


في ظل التحديات التي يواجهها لبنان، ظهر "طوفان الأقصى" كعامل إضافي يضع عبء إضافي على البلاد، حيث جذب انتباه الرأي العام اللبناني نحو التحضير لخطة وطنية لمواجهة الأوضاع الطارئة. ورغم وجود قضايا داخلية مستعصية، مثل ملف النازحين السوريين، إلا أن الانشغال الحالي يتمحور حول الأوضاع الطارئة والتحضير للتصدي لأسوأ السيناريوهات.

قبل نحو أسبوعين، زار وفد لبناني برئاسة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب دمشق لمناقشة ملف النازحين السوريين، وهو خطوة تعتبر إيجابية للتعامل مع هذه القضية الحساسة. تأتي هذه الزيارة في ظل تحولات في الأوضاع الأمنية في مناطق سوريا تحت سيطرة النظام، مما يجعل عودة النازحين إلى تلك المناطق أمراً ممكناً ويساعد في تخفيف الضغط على لبنان.

ومع أن نحو 80% من المناطق السورية تحت سيطرة النظام وأصبحت آمنة، يمكن لهذا أن يسهل عملية عودة النازحين وتقديم المساعدات الإنسانية داخل سوريا بدلاً من لبنان. يتعين على الحكومة اللبنانية العمل بفعالية لضمان عودة النازحين بطريقة تحافظ على حقوق كل الأطراف.

تبين أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أوعز بتسليم ملفات مختلفة للوزراء بناءً على تخصصاتهم بعد الزيارة إلى دمشق. ورغم ذلك، لم تظهر نتائج تلك الزيارة بشكل واضح حتى الآن، وتم تعليق رحلات العودة الطوعية التي كان ينظمها الأمن العام. يظل ملف العودة غير واضح، ويتطلب تعاونًا فعّالًا بين الجانبين لإيجاد حلاً لهذه الأزمة.

وزير المهجرين عصام شرف الدين يشير إلى أن الزيارة لم تتناول بشكل كافي ملف العودة، ويقترح أن يتوجه كل وزير إلى سوريا للتعامل مع المشاكل المحددة ضمن اختصاصه. ويشير إلى أن هناك قضايا تتطلب تنسيقًا واسعًا وحضورًا رسميًا للبت فيها.

تتناول دراسة قانونية موازية للجهود السياسية قضية وجود النازحين السوريين في لبنان. تشير المصادر إلى أن الحلول القانونية يمكن أن تكون في مصلحة لبنان، خاصة إذا تم التمسك باتفاقية 2003 التي تتحدث عن إعادة توطين طالبي اللجوء في بلد ثالث. تساعد الدراسة في تحديد الحقوق القانونية للنازحين وتوجيه الجهود نحو حمايتهم بموجب القوانين اللبنانية. يجدر باللجنة البرلمانية أن تقيم اقتراحات القوانين بناءً على مدى توافقها مع الإطار القانوني القائم لحماية النازحين.

تبرز الحاجة إلى حل سياسي وقانوني شامل ومنسجم مع المصلحة الوطنية. يتطلب ذلك توافقًا واسعًا وتنسيقًا بين الأطراف المعنية لإيجاد حلاً شاملاً يحقق مصلحة لبنان ويحافظ على استقلاله.


المصدر : المركزية