في ظل تصاعد وتيرة الحرب بين مقاتلي حماس وإسرائيل في غزة، تتجه الأنظار المحلية والإقليمية والدولية إلى الرياض، حيث تستضيف المملكة العربية السعودية اليوم السبت قمة عربية اسلامية مشتركة بعد أن أعلنت وزارة الخارجية السعودية أمس الجمعة دمج القمتين العربية والإسلامية في قمة واحدة مشتركة تعقد اليوم السبت في الرياض لبحث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تزامنا مع استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع لليوم الـ36، حسب وكالة الأنباء السعودية (واس).


وأفادت الخارجية السعودية -التي تتولى الرئاسة الدورية للقمتين- بأنه "تقرّر عقد قمة عربية إسلامية مشتركة غير عادية، بشكل استثنائي في الرياض اليوم السبت". وأشارت إلى أن القمة ستكون عوضا عن "القمة العربية غير العادية"، و"القمة الإسلامية الاستثنائية" اللتين كان من المُقرر أن تُعقدا في التاريخ نفسه.

ووفقًا لمصادر دبلوماسية، من المتوقع أن يجري الرئيس الإيراني لقاءات مع القيادة السعودية على هامش مشاركته في القمة هو أنها الزيارة الاولى لرئيس إيراني الى المملكة العربية السعودية منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في مارس/آذار 2023، والتي تمت بوساطة صينية.


وفي هذا السياق، علّق الكاتب والإعلامي المتخصص في الشأن الإيراني د. حكم أمهز، لموقع Transparency News على مشاركة إيران في القمة العربية-الإسلامية، معتبرا أن بيان القمة العربية - الاسلامية سيكون مشابهًا لتصريحات القمم العربية السابقة، مع إضافة الأحداث الجارية في فلسطين، وتركيز على ضرورة وقف إطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.

واعتبر أمهز أنه لن يكون هناك إجراءات عملية من قبل الدول العربية على الأرض لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة. ورأى أن الدول العربية ليست ملزمة بالتصعيد العسكري ضد إسرائيل، بل يمكنها على الأقل تهديد بوقف التطبيع أو تعليق التصدير النفطي أو قطع العلاقات التجارية والاقتصادية.

أما عن دمج القمتين فاعتبر أمهز انه سيكون هناك ربما خلافات في المواقف بين المسؤولين العرب ونظرائهم في الدول الإسلامية، حيث قد تكون هناك مطالبات بوقف التطبيع وقطع العلاقات مع إسرائيل، مما يجعلها مطالب عالية المستوى بالنسبة للدول العربية.

أما بالنسبة لإيران فأكد أمهز ان مواقفها واضحة بالنسبة لإسرائيل، والقادة الايرانيون أعلنوا أكثر من مرة موقفهم من التطبيع اذ يعتبرونه طعنة للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني ويدعون لوقف هذا التطبيع لان له مخاطر على مستوى الدول التي تطبع مع اسرائيل كما حدث مع مصر والاردن الذي لم ينعكس التطبيع معهما ايجابا.

فبالنسبة لأمهز هناك قرارا اميركيا اسرائيليا بأن تبقى اسرائيل"المتسيدة" في المنطقة على كل الاصعدة، بدليل ان السعوديون طلبوا بعض المطالب من اجل التطبيع ومنها ان يكون هناك مفاعل نووي سلمي للسعودية وان يكون لديها حماية مباشرة من قبل الولايات المتحدة واسلحة متقدمة بالإضافة الى حل الدولتين، لكن ما حصل مباشرة هو خروج بيان لمكتب بنيامين نتنياهو وينص على ان اسرائيل لن تسمح لدول الجوار بأن تطور برنامجا نوويا أيا كان هذا البرنامج، كما ورفض الاميركيون المطالب الامنية للسعوديين كما ورفضوا مع الاسرائيليين حل الدولتين، وهذا يعني ان هذه الدول إذا ارادت ان تعتمد على الاسرائيلي فان موقفه واضح وهذا ما تراه ايران.

واكد أمهز أن إيران ستطرح في القمة ملف سيادة الدول و ان دول المنطقة يجب ان تحكم من قبل حكامها في كل المسائل والا تتدخل الدول الاجنبية، تحديدا اميركا، في شؤونها، بالإضافة الى انها ستطرح وقف العدوان على غزة ودعم القضية الفلسطينية. 

وقال أمهز انه يعتقد بأن الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الى السعودية لحضور القمة ستتضمن لقاء بينه وبين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لانه في بداية العدوان على غزة حصل اتصال من قبل رئيسي وبن سلمان والظروف اصبحت اكتر حاجة اليوم لحصول لقاء بين الرجلين لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا الاقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والاوضاع في بلدان المنطقة، وقد تكون هناك بعض الامور المشتركة بين الطرفين كما وطبعا بعض الخلافات في وجهات النظر، الا ان الايرانيين يسعون الى تعزيز الامور المشتركة وتنظيم الخلافات كما هو حاصل بين ايران وتركيا في الموضوع السوري مثلا، بينما في المواضيع الاخرى هناك علاقات جيدة جدا، وبالتالي تنظيم العلاقات الخارجية لايران امر مهم جدا ونراه حتى مع بعض الدول المطبعة ومنها الامارات بما يبعد دول المنطقة عن الازمات.

وعن معنى حضور الرئيس الايراني شخصيا في قمة السعودية قال أمهز: لها رمزية مهمة لتوجيه رسالة بأن ايران تشارك بكل امكانياتها وجهدها لدعم القضية الفلسطينية. اما الرسالة الثانية فهي فرصة تاريخية للقاء ولي العهد السعودي وربما لقاء الملك سلمان والمهم في الامر ان ما يمكن ان يقال عبر الهاتف وفي الرسائل المتبادلة هو غير ما يقال على الارض وجها لوجه، لان هناك بعض الامور التي تحتاج للنقاش والتوضيح لا يمكن الوصول اليهما عبر الاتصال او الرسائل.

وتابع أمهز: الزيارة بأهميتها تعادل الاتفاق الذي وقع بين الطرفين وقد تتضمن توقيع اتفاقيات بين البلدين وعلى الاقل سيكون هناك تعزيز للاتفاقيات الموقعة سابقا حيث كان هناك توقيع لاتفاقيات شاملة، وكذلك ما تم بحثه خلال زيارة وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان للسعودية حول العمل على ان يكون هناك اتفاقية تعاون شاملة وطويلة الامد بين ايران والمملكة. 

وقال أمهز: نستشف من هذا الموضوع ان هناك رغبتان في تعزيز العلاقات ووضوحا في الرؤية بأن هاتين الدولتين لهما تأثير كبير جدا في المنطقة وتقاربهما يؤدي الى نتائج ايجابية جدا على مستوى الثنائي والاقليمي والدولي. وهناك دعوات وجهت الى الملك سلمان وولي العهد لزيارة ايران، فاذا حصلت زيارات لمسؤولين سعوديين الى ايران فهذا يعني ان القطار يسير في وجهته الصحيحة وهذا سينعكس ايجابا على الواقع بشكل عام.

واعتبر أمهز ان القرار الذي اتخذته السعودية بفتح العلاقات مع إيران والتغيير في استراتيجية العلاقات الخارجية لديها، عندما قررت ان تكون الصين هي من ترعى اتفاقها مع ايران، عمليا كأنها تقول بأنها غيرت سياساتها الخارجية، حيث ان لها علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة ولكنها لن تضع بيضها في السلة الاميركية فقط. 

وتابع: "اذا سارت السعودية بهذا الامر إجرائيا على الارض فاعتقد انه ستحصل متغيرات كثيرة.  فالعلاقات بين السعوديين والديموقراطيين في الولايات المتحدة كانت دائما تتسم بالبرودة والتوتر، اما علاقات السعودية مع الادارات الديموقراطية فتتسم بنوع من الوئام. لكن ما قام به الرئيس ترامب في فترة ولايته تجاه السعودية لاسيما عندما بدأ يسخر من الملك وولي العهد والامراء ويقلدهم بشكل استهزائي ويقول انهم كالبقرة الحلوب، فهو كشف عن الوجه الحقيقي للولايات المتحدة سواء كانت جمهورية او ديموقراطية، ومن هنا بدأت السعودية بالبحث عن سياسات خارجية تحفظ لها مصالحها وكرامتها وتحدث توازنا ويكون الكل بحاجة اليها وهي بدورها تمسك العصا من الوسط، وهذا سيساهم في تعزيز علاقاتها البينية في المنطقة ومنها مع ايران وتركيا". 

واشار أمهز الى ان هناك اقتراحات اتفاقيات مطروحة من قبل إيران ومنها اتفاق تعهد بعدم الاعتداء بين دول المنطقة، بالإضافة الى مضيق هرمز وتشكيل تحالف بحري للمنطقة لا يشمل فقط دول المنطقة بل ايضا يصل الى باكستان والهند للحفاظ على سلامة الحركة الملاحية للمنطقة.  

واعتبر ان هناك الكثير من الدول العربية التي تسير خلف السعودية وان اي تطور في العلاقات الايرانية السعودية سينسحب على تلك الدول، وانه المراقبون لاحظوا بعد توقيع الاتفاق بين ايران والسعودية كيف اصبحت العلاقات لينة بين بعض الدول العربية وطهران. 

واضاف أمهز: لا أحد يمكن ان ينكر الدور الكبير للسعودية في المنطقة ومعظم الدول العربية تساند السعودية في قرارتها رغم تحفظات ابدتها بعض الدول على بعض القرارات السعودية، ولكن عندما قطعت الرياض علاقاتها مع طهران فان معظم الدول العربية قطعت علاقاتها بإيران. وهذا دليل دور السعودية المؤثر بالرغم من ان لها خصوم في العالم العربي، وخصمها الاقتصادي الاول حاليا هي الامارات والتي تحولت علاقاتهما الى باردة وفاترة والخلافات بينهما موجودة. 

في المقابل لفت أمهز الى ان الدور السعودي يتأثر بتغير الانظمة العربية، فعندما حكم الاخوان المسلمون في مصر لم يعد هناك تأثير للقرار السعودي على القاهرة بل كان هناك تأثير للقرار القطري. وعندما انتهى حكمهم مع الاطاحة بالرئيس محمد مرسي عاد التأثير السعودي وانتهى التأثير القطري.


المصدر : الشفافية نيوز