يعتقد بعض المسؤولين النقديين أنه يجب عليهم أن يبقوا متشددين وأن يرفعوا أسعار الفائدة للتصدي للتضخم المحتمل الناجم عن زيادة في أسعار الطاقة والتكاليف. في المقابل، يرون آخرون أنه ينبغي الانتظار ومراقبة المخاطر الجيوسياسية المتعلقة بالشرق الأوسط قبل اتخاذ أي إجراءات. وقد تنجم هذه الخلافات عن الخوف من التأثير السلبي المحتمل لأسعار الفائدة العالية على النمو الاقتصادي العالمي وعلى الاستثمارات.



ولا يتوقف الأمر عند ذلك، فمع احتمالية تصاعد الصراع في غزة، قد يتعرض الاقتصاد العالمي لمزيد من الضغوط. فالأزمة الحالية قد تؤدي إلى تعطيل إمدادات الطاقة وتسبب في زيادة تكاليف الإنتاج والنقل. وهذا قد يؤثر على التضخم والقدرة التنافسية للشركات وقد يؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي.


في نهاية المطاف، فإن التداعيات المحتملة للحرب في غزة على الاقتصاد العالمي لا يستطيع أحد توقعها بدقة. إنها مسألة تحوي الكثير من العوامل المعقدة والمتشابكة. وبالتالي، تبقى المستقبل غير مؤكد وتتطلب مراقبة دقيقة وتحليل دقيق للوضع الجاري وتحديد الخطوات اللازمة وفقاً لتطورات الأوضاع بمختلف المستويات.

ويبرر ذلك بأن المخاطر الجيوسياسية قد تعكس على الاقتصاد وتؤثر على النمو والتضخم ولكنها ليست العامل الوحيد الذي يؤثر على القرارات النقدية. ويشير ميلتون إلى أن الاحتياطي الفدرالي يعتمد على البيانات الاقتصادية والتطورات الداخلية والعوامل الأخرى في اتخاذ قراراته بشأن معدلات الفائدة. وبالتالي، فإنه يعتقد أن المخاطر الجيوسياسية وحدها ليست كافية لدفع الاحتياطي الفدرالي إلى تغيير سياساته النقدية، وبالتالي يجب أن يواصل توخي الحذر في اتخاذ قراراته النقدية.


تأثير الحرب في غزة
عندما تحدث جيروم باول، رئيس مجلس المحافظين للنظام الاحتياطي الفدرالي، عن الحرب في غزة وأثرها على الاقتصادات، يمكننا أن نلاحظ توجهاً حذراً نحو تقييم المخاطر. فقد أكد باول أن الحرب في غزة يمكن أن تلحق ضرراً بالاقتصادات، وهذا يشير إلى أنه يعتبر الحرب كواحدة من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند اتخاذ قراراته النقدية. وبالتالي، يمكننا أن نعتبر أن رئيس المحافظين يؤكد ضرورة توخي الحذر في استجابة الاحتياطي الفدرالي لتأثيرات الحرب في غزة.


تصاعد التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي
في كلمة ألقتها عضو مجلس الاحتياطي الفدرالي، ليزا كوك، تناولت تصاعد التوترات الجيوسياسية حول العالم وتأثيرها على النمو الضعيف في الصين وأوروبا. وأشارت كوك إلى أن تلك التوترات يمكن أن تؤثر على الاقتصاد الأميركي وتغير مساره. وذكرت أن الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط وتصاعد الضغوط التضخمية يعدان من بين العوامل التي يمكن أن تؤثر في الاقتصاد الأميركي. وبالتالي، فإن تلك التصريحات تعزز فكرة ضرورة الحذر واستعداد الاحتياطي الفدرالي للتعامل مع تأثيرات التوترات الجيوسياسية على الاقتصاد العالمي.

فيما يخص الملاذات الآمنة، يُشير مو تشودري، مدير تحليلات مخاطر السوق في شركة State Street Corporation في بوسطن، إلى أهمية المخاطر الجيوسياسية في تحديد سلوك المستثمرين. ومن ثم، قد يقوم المستثمرون بتحويل استثماراتهم من الأصول الأكثر خطورة إلى الأصول الأكثر أمانًا، وذلك يمكن أن ينعكس سلبًا على عوائد سندات الخزانة الأميركية. حيث قد يزداد الطلب على هذه السندات، مما يؤدي إلى انخفاض عوائدها.
بالإضافة إلى ذلك، يتوقع تشودري أن يساهم تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي في زيادة خطر الركود الاقتصادي، مما يدفع إلى احتمالية تخفيض سعر الفائدة على الأموال الفدرالية أو تباطؤ عمليات التشديد النقدي.


ومن وجهة نظره الشخصية، يتوقع تشودري أن معدلات التضخم قد ترتفع في الأشهر القادمة بالمقارنة مع المستويات المنخفضة التي شهدناها مؤخرًا. وعلى هذا الأساس، يعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يضطر لرفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية مرة أخرى في اجتماعه في ديسمبر 2023.

 


المصدر : الشفافية نيوز