دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير أن الكلام يبقى للميدان... ويجب ان تبقى العيون على الميدان. ولكن هل فعلاً "الميدان" هو الذي يتكلم؟ أم أن الأمر مجرد تنصّل من المسؤولية؟


 إذاً، لو نظرنا إلى "الميدان" السياسي في لبنان، يمكننا أن نراه كمكان يجتمع فيه العديد من الفصائل والحركات والأطراف المتنازعة. وبالرغم من وجود قائد واحد يبدو أنه يدير هذا الميدان، إلا أن هناك أصوات عديدة تتصدى لتصاعد التوترات وتعارض الحرب. وتتحدث تلك الأصوات بشكل صريح عن عدم رغبتها في استمرار الأعمال العسكرية مع تزايد الخسارة البشرية والمادية على الأراضي اللبنانية.

و"الميدان" يعني بالنسبة لنصرلله ساحة المعركة في جنوب لبنان بوجه إسرائيل، حيث السلاح بجميع أنواعه. و"الميدان" العسكري يميل بطبيعته إلى التصعيد، وإلى استخدام منطق الرد بما هو أقوى. وتجارب المعارك العسكرية تشير إلى أن ضبط إيقاع المعارك وحدودها ليس بالمسألة السهلة ولا المضمونة، خاصة إذا تعدّدت القوى المنخرطة فيها، مما يهدد بتوسع الحرب على الأراضي اللبنانية.


من الواضح أن المواجهات العسكرية قد تؤدي إلى تصعيد العنف وزيادة الخسائر في الجانبين. وقد أظهرت التجربة العسكرية السابقة أنه من الصعب تحديد حدود ومسار القتال، خاصةً عندما تشارك قوى عديدة في المعركة. وهذا يعني أن الحرب قد تمتد إلى الأراضي اللبنانية وتتسبب في أضرار أكبر. لذلك، ارتفعت أصوات اللبنانيين مؤخرًا، بعد خطاب نصرالله الثاني واشتداد المعارك، للتعبير بوضوح عن عدم رغبتهم في الحرب.


علاوة على ذلك، يا سيد نصرالله، هناك ادعاءات بأن "الميدان" أو السلاح يتكلم، ولكن هذا غير صحيح. فالواقع هو أن السلاح لا ينطق بالكلام، بل يحل محله ويسكته. فالسلاح لا يقتل فقط الأعداء، بل أيضًا الشخص الذي يحمله. فهو يحل محله ويسلبه حقه في التعبير.


لا يمكننا القول إن "الميدان" هو من يتحدث، فالأشخاص هم من يتحدثون، يا سيد نصرالله. في الدول التي تحكمها الدساتير، يكون المجتمع مسؤولًا عن اتخاذ القرارات وتحديد مساره. أما السلاح، فهو يستخدم لخدمة هذه القرارات وتنفيذها. لذا، من واجبك كقائد أن تتحدث مع شعبك وتستخدم المؤسسات الدستورية لتناقشوا القضايا وتتخذوا القرارات. وقد أعبر العديد من أفراد الشعب عن رغبتهم بوضوح في عدم الدخول في حرب وأنهم لا يرغبون في أن يكونوا رهائنًا لما قد يقوله لهم السلاح الصامت.


أخيرًا، يا سيد نصرالله، هل فعلاً تؤدي المواجهات العسكرية في الجنوب إلى تخفيف الخسائر في غزة، أم أنها تزيد من الخسائر في لبنان وتجبر السكان على النزوح؟ هل هي تسبب تعطيل الأعمال وزيادة القلق على الأراضي اللبنانية بشكل عام؟


لنستخدم لغة مصطلحاتك، فإن "الميدان" هو مكان يجتمع فيه العديد من الطرق ويستخدم لأغراض متنوعة في الهندسة المعمارية. لكن في السياق السياسي، يمكننا القول أن "الميدان" هو المكان الذي يجمع فيه العديد من الفصائل والأطراف المتنازعة. والسؤال هو إذا كنت تعتقد أن المعارك العسكرية في هذا الميدان تخدم الأهداف المطلوبة وتقلل الخسائر في المجتمعين.


المصدر : الشفافية نيوز