دخل لبنان وإسرائيل في حالة من التصعيد العسكري المستمر، وهو الأول من نوعه منذ انتهاء حرب تموز 2006. وعلى الرغم من ذلك، لم يتحول التصعيد إلى مواجهة شاملة حتى الآن.


وفي الأيام الماضية، تجاوزت إسرائيل "الخطوط الحمراء" التي رسمها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وحذّر من أن تجاوزها سيشعل الجبهة على نطاق واسع. وتشمل هذه الخطوط الحمراء تنفيذ عمليات خارج "قواعد الاشتباك" واستهداف مدنيين لبنانيين، والتقدم العسكري في غزة.

ومع ذلك، لم ينفذ نصر الله تهديداته رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدها حزب الله، والتي بلغت 75 مقاتلاً. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها عدم رغبة إيران في فتح جبهة جديدة، قبل أن تتضح صورة الحرب في غزة.

ويرى النائب السابق علي درويش أن "اللقاءات والاتصالات التي أجراها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل القمة العربية وخلالها حصّنت لبنان نسبياً من الانزلاق إلى الحرب، لكن لا ضمانات ثابتة لتحاشي الوقوع في المحظور".

ويؤكد درويش أن رئيس الحكومة "ناقش خلال اللقاءات التي عقدها أخيراً مع قادة عرب ومسؤولين دوليين موقف لبنان الرسمي والشعبي، وأبلغ الجميع أنه لا مصلحة لأحد بتوسيع رقعة الصراع، لأن نتائجه ستكون كارثية على المنطقة، لكن ذلك لن يمنع لبنان من الدفاع عن نفسه بوجه الاعتداءات الإسرائيلية".

ويرى الدكتور سامي نادر، مدير "مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية" في بيروت، أن "احتمال نشوب الحرب مع لبنان نتيجة الغليان العربي بسبب الكارثة الإنسانية التي تشهدها غزة وارتفاع عدد الضحايا".

ويوضح نادر أن "الإسرائيليون دخلوا مرحلة إعادة النظر بكل سياستها الدفاعية وعقيدتها الأمنية"، مشيراً إلى أن "الفرضية اندلاع الحرب بين لبنان وإسرائيل ما زالت قوية جداً وقابلة للاشتعال بأي لحظة".

ويتابع نادر: "طالما هناك قصف يومي على الحدود بين لبنان وإسرائيل، فإن احتمال وقوع الخطأ الذي يؤدي إلى الانزلاق نحو الحرب ومواجهة كبرى يبقى قائماً".

ويرى الدكتور رياض قهوجي، مدير "مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري"، أن "فرضية اندلاع الحرب بين لبنان وإسرائيل ما زالت قوية جداً وقابلة للاشتعال بأي لحظة".

ويتابع قهوجي: "طالما هناك قصف يومي على الحدود بين لبنان وإسرائيل، فإن احتمال وقوع الخطأ الذي يؤدي إلى الانزلاق نحو الحرب ومواجهة كبرى يبقى قائماً".

ووفق رأي قهوجي، فإن "حزب الله، ومثله إسرائيل، خرقا قواعد الاشتباك التي كانت سائدة منذ انتهاء حرب تموز 2006".

وفي أي حال، "لن تكون مرحلة ما بعد 7 أكتوبر كما قبلها"، على حدّ تعبير بعض المتابعين لتطورات الحرب على جبهتي غزة ولبنان.

ويشدد الدكتور سامي نادر على أن "ثمّة قناعة لدى القيادتين السياسية والعسكرية في تلّ أبيب، بأنه لا يمكن العودة لإدارة الصراع كما كان في السابق، وهذا يضع على الطاولة إعادة حسم الملفات الأمنية بالقوة".

ثم يلفت نادر إلى أن إيران "ليست لها مصلحة بالانخراط في الحرب، لأنها تجد نفسها الآن رابحة بالنقاط، وهي تسعى الآن لوقف إطلاق النار وتثبيت موازين القوى التي كانت سائدة قبل 7 أكتوبر الماضي".

وبالمقابل تبذل الحكومة اللبنانية جهوداً لتجنيب لبنان الحرب، كما يخشى المراقبون من أن تستغل إسرائيل الحرب لضرب البنية التحتية اللبنانية، بما في ذلك الموانئ والمطارات والبنى التحتية المدنية. هذا من شأنه أن يؤدي إلى أزمة إنسانية خانقة في لبنان، الذي يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية وسياسية. كما ان الاستعدادات لا ترقى إلى مستوى الخطر الداهم.

 

تدرك إسرائيل أن الحرب على الجبهة الشمالية ستكون أكثر صعوبة من الحرب على غزة، لكنها تسعى لاستعادة هيبتها وإعادة المستوطنين إلى مناطقهم في الشمال.

وتواجه إسرائيل معضلة هجرة الآلاف من مواطنيها، ويتوقع أن يزداد عدد المهاجرين مع استمرار الحرب على غزة وتصاعد التوتر مع لبنان.

 


المصدر : الشفافية نيوز