ثلاثة طلاب فلسطينيين يواجهون مستقبلا غامضا بعد إطلاق النار عليهم في ولاية فيرمونت الأميركية.


 

يعاني ثلاثة طلاب فلسطينيين من صدمة شديدة بعد تعرضهم لإطلاق نار في ولاية فيرمونت الأميركية الأسبوع الماضي. أصيب الطالب تحسين علي أحمد في صدره، وأصيبت الطالبة هشام عورتاني في العمود الفقري، وأصيب الطالب كنان عبد الحميد من الخلف.

تأتي هذه الجريمة في وقت تتصاعد فيه جرائم الكراهية ضد المسلمين والمتحدرين من أصول عربية في الولايات المتحدة. وقد تسبب هذا الهجوم بموجة من الخوف عبر الجامعات في جميع أنحاء البلاد، وخاصة في المؤسسات التي يدرس فيها الشباب الفلسطينيون.

وازدادت  المخاوف بشأن الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية المنتشرة في مدارسهم بسبب الحرب الجديدة بين إسرائيل وحماس.

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست", "عمّق إطلاق النار في ولاية فيرمونت تلك المخاوف" .

وقالت تالا قراقع، طالبة علم الأحياء في جامعة هافرفورد، والتي ولدت في القدس ونشأت في الضفة الغربية "إطلاق النار على كنان وتحسين وهشام، يعني أنني وأي فلسطيني آخر قد نكون التاليين".

وأضافت "أشعر بعدم الأمان وعدم الحماية الآن أكثر من أي وقت مضى".

وفي تشرين الأول الماضي، قُتل طفل فلسطيني أميركي يبلغ من العمر ست سنوات طعنًا بسكين في ولاية إيلينوي، وأصيبت والدته بجروح خطيرة. كما دفع المشتبه به في الجريمة، وهو رجل يبلغ من العمر 71 عامًا، ببراءته.


وفي الوقت الذي أمضت عمة أحمد الأسابيع الأخيرة خائفة على مصير أقاربها في غزة، تفاجأت بإصابة ابن أخيها، الطالب في الرياضيات في جامعة ترينيتي.

يقول عبد الحميد، عن زميليه، علي أحمد، وعورتاني "إنهما مقربان مني"، واصفاً الساعات التي سبقت دخولهم جميعا غرفة المستشفى بأنها الأطول في حياته "لن أكون بخير إذا لم أكن بالقرب منهما".

وعورتاني وعبد الحميد وعلي الأحمد يعرفون بعضهم البعض منذ الطفولة حيث زاولوا جميعهم فصولهم الدراسية الابتدائية في مدرسة فريندز برام الله، وهي مؤسسة تأسست عام 1869.

واتهمت السلطات جيسون إيتون، 48 عامًا، بثلاث تهم بمحاولة القتل من الدرجة الثانية. 

ويُعتقد أنه واجه الطلاب أثناء قيامهم بنزهة مسائية بالقرب من منزل جدة عورتاني، حيث كانوا يقيمون لقضاء عطلة عيد الشكر. 

وقال عبد الحميد إنهما كانا يتحدثان مزيجاً من اللغتين الإنكليزية والعربية، وكان اثنان منهما يرتديان الكوفية.


ووُلِد عورتاني وعبد الحميد في الولايات المتحدة، لكنهما كبرا مع علي الأحمد في الضفة الغربية المحتلة. 

وفي مؤتمر صحافي هذا الأسبوع، رفض قائد شرطة المدينة تقديم الدافع وراء إطلاق النار. 

وقالت المدعية العامة لمقاطعة شيتندن، سارة جورج، إن السلطات ليس لديها حتى الآن أدلة لاعتبار إطلاق النار جريمة كراهية، على الرغم من أنه ليس هناك شك في أنه "عمل كراهية" وفق الصحيفة.  وقد دفع إيتون بأنه غير مذنب.


ومباشرة قبل إطلاق النار عليهم، حضر الطلاب الثلاثة حفلة عيد ميلاد لأبناء عم عورتاني التوأم البالغين من العمر 8 سنوات في صالة البولينغ.

ولدى عودتهم، ذهبوا للتجول في الحي، متبعين نفس الطريق الذي سلكوه في الليلة السابقة. 

ويتساءل عبد الحميد الآن عما إذا كان المسلح كان ينتظرهم، وبيت النية لمهاجمتهم.

"ما حدث بعد ذلك حدث كما لو كان في كابوس" وفق وصفه لـ"واشنطن بوست".

وتم إطلاق النار على علي أحمد أولاً، ثم عورتاني، وبينما كان عبد الحميد يهرب، سمع طلقة نارية أخرى. 

وقفز الشاب فوق السياج ودخل وهو يعرج إلى منزل قريب، حيث اتصل السكان برقم 911، عندها فقط، أدرك أنه كان ينزف.

وقال في الصدد "وقتها كنت مقتنعا بأن أصدقائي ماتوا".

قال عبد الحميد "الطريقة التي نتعامل بها مع هذا الأمر، كوننا نشأنا في الضفة الغربية تحت الاحتلال، هي روح الدعابة".

إلا أن محاولاتهم لم تتمكن من إخفاء كآبة الوضع، بحسب الصحيفة الأميركية، إذ كان علي أحمد يسعل دما؛ وفي كل مرة كان يفعل ذلك، يشعر وكأنه يتعرض للطعن، وفق وصفه. 

وليس من الواضح ما إذا كان، عورتاني، الذي أصيب برصاصة استقرت بالقرب من عموده الفقري، سيتمكن من المشي مرة أخرى.

وفي كل من الكليات الثلاثة حيث يدرس الضحايا، في براون يوم الاثنين، وفي هافرفورد يوم الثلاثاء، وترينيتي يوم الأربعاء، أقام طلاب وقفات احتجاجية على زملائهم المصابين.

وفي جامعة براون، قرأ أحد الأساتذة بياناً صاغه عورتاني من المستشفى شكر فيه جميع الحاضرين لكنه حثهم على النظر إليه على أنه "ضحية واحدة في صراع أكبر بكثير" و"عضو فخور في شعب يتعرض للاضطهاد". 

ولفت بعض الطلاب إلى  أن الجامعة لم تأخذ انشغالهم على محمل الجد. 

وقال عبود أشهب، وهو طالب في السنة الثالثة، إنه وعورتاني وطلبة فلسطينيون آخرون التقوا بالإدارة الشهر الماضي وأعربوا عن مخاوفهم بشأن التهديدات والمضايقات في الحرم الجامعي. 

وأضاف "الإدارة لم تفعل شيئا لحمايتنا، المعايير المزدوجة واضحة".

بدوره، كتب علي الأحمد في رسالة مقتضبة أن مطلق النار استهدفه لأنه كان يرتدي الكوفية. 

وكتب في رسالة نصية "لقد تم إطلاق النار علي لأنني فلسطيني.. لهذا السبب لم يهتم المهاجم.. لم أكن شيئا بالنسبة له".
وفي حين خرج عبد الحميد من المصحة، يواصل الأحمد وعورتاني تقاسم غرفة المستشفى. 

قالت عمة علي الأحمد، إنه لا يزال ضعيفاً بسبب فقدان الدم، بينما قال عم عورتاني إنه لا يستطيع تحريك أطرافه السفلية.

إلا أن العم لديه أمل، حيث أشار إلى أن الشفاء من إصابة في العمود الفقري يتعلق جزئيًا بالعلاج وجزئيًا بروح الشخص وعقليته.

وعندما يتعلق الأمر بالأخير، فإن "هشام سوف يخرجه من هذه المحنة".

 


المصدر : الشفافية نيوز