لم تشهد حفلات رأس السنة في لبنان تحسناً، حيث يتجنب اللبنانيون المقيمون في الخارج العودة بسبب التوترات السياسية والعسكرية. في المقابل، يستمتع السياح المحليون بحفلات عائلية داخلية، مع ارتفاع الطلب على الطعام والخدمات. الأسعار، التي كانت تحدد عند الطلب، الآن تظهر بالدولار. على الرغم من غياب بعض المغتربين، يظل قطاع الطعام حيويًا، حيث يستمر الاهتمام بتنظيم الحفلات وتوفير المأكولات الفاخرة.


لم تُظهر الحفلات الغنائية الخاصة بليلة رأس السنة في الفنادق الكبرى والصالات والمطاعم في لبنان أي انتعاش، كما لم تشهد السوق الاقتصادية الداخلية أي نشاط في حركة المغتربين الراغبين في قضاء فترة عيدي الميلاد ورأس السنة في البلاد.

ويبدو أن هذه الإجراءات مستمرة في ضوء عزوف غالبية اللبنانيين المقيمين في الخارج عن قضاء فترة الأعياد في لبنان لأسباب تتعلق بالحرب مع إسرائيل، في ضوء العمليات العسكرية اليومية في بلدات المواجهة في الجنوب اللبناني.

ومع ذلك، تنشط السياحة الداخلية، ولا يرغب اللبنانيون المقيمين في تغيير عاداتهم، حيث يحرصون على إقامة حفلات عشاء خاصة بالمناسبتين، مما يعني طلبًا على المأكولات الجاهزة، بما في ذلك الأصناف المستوردة خصيصًا من الخارج.

وقد نشرت الشركات الكبرى المتخصصة في إعداد المأكولات الخاصة بالحفلات الكبرى عروضًا عن أصناف خاصة بالأعياد، مرفقة هذه المرة بلائحة أسعار بالدولار الأمريكي، بعد عودة السوق الداخلية إلى اعتماد الدولار.

وفي العامين الماضيين، كانت لوائح الطعام تُرفق بعبارة مفادها أن الأسعار تُحدد في الوقت الذي يطلب فيه الزبائن ما يريدون، أما الآن فالأسعار تتصدر القوائم المعممة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويغلب الطلب على الأصناف الأغلى الثمن من قبل شرائح واسعة من أفراد المجتمع.

ويتحدث أصحاب شركات المأكولات المعروفة عن حجوزات اعتيادية واسعة وطلبات كثيفة، والبعض تحدث عن إجراءات خاصة وعروضات تتضمن تقديم خدمات في الأيام السابقة والتالية لليالي الميلاد ورأس السنة.

ويكشف حسين، صاحب شركة فرضت نفسها في سوق المأكولات اللبنانية منذ أكثر من عقدين، عن أفضلية في خدمات التوصيل في أيام الذروة للزبائن الدائمين، دون أن يسقط الاهتمام بالزبائن الجدد، الذين كثروا منذ فترة. وهذا يشير إلى حركة أموال وتشجيع على الإنفاق في البلاد.

ومع ذلك، فإن الإقبال على حجز الطعام وإقامة مناسبة عائلية في نهاية السنة لا يعني عدم خسارة قسم كبير من المقيمين في دول الخليج، الذين اعتادوا الحضور إلى بيروت والمدن والقرى المقيمين فيها، وتنظيم مناسبات احتفالية.

ويتحدث مالك مطعم معروف في ساحل غزير البحري في منطقة المعاملتين قرب «كازينو لبنان» عن غياب وجوه يعرفها جيدًا من المغتربين اعتادوا تسجيل حجوزات في المطعم في الأيام الأخيرة من السنة. ومع ذلك، فهو لا يشكو من نقص في الحركة، حيث تكاد الحجوزات تغطي أيام العمل كاملة، علماً أن المطعم يفتح أبوابه 24 ساعة، وتشغل الطاولات لديه بمعدل ثلاث مرات كحد أدنى يوميًا.

وما لم يقله صاحب المطعم المعروف هو أن معدل الأسعار للشخص الواحد لديه عاد إلى تخطي عتبة الخمسين دولارًا، أسوة بما كان الأمر عليه قبل الأزمة الاقتصادية والانهيار المصرفي غير المسبوقين في العصر اللبناني الحديث، منذ نهاية 2019.

أما مستوردو الأجبان الفرنسية واللحوم المبردة والبطرخ المصري والسيجار الكوبي ومن بلدان أميركا الوسطى، فقد بدأوا التحضير لتأمين الكميات المعتادة التي تطرح في السوق سنويًا في هذه الفترة. الغالبية منهم لم يتأثروا بتطورات الأوضاع الميدانية في الجنوب، بل إن القسم الأكبر اهتم بتأمين كميات من البضائع، تحسبا لأوضاع خاصة بالمطار وظروف الشحن الجوي.

ويرى وائل، الذي يعمل في شركة تعنى بتأمين الولائم خارج العاصمة بيروت، أن سوق الأكل هو الأقل تأثرًا بالأوضاع غير الصحية في البلاد. ففي لبنان، اعتاد الناس التعاطي مع الأزمات على أنواعها. والمناسبات الكبرى ثابتة لديهم، ولا تتأثر بخضات قد يصل بعضها إلى العمليات الحربية. فهل يعيش الناس من دون طعام؟


المصدر : الانباء الكويتية