لم تسفر زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان عن جديد في الملف الرئاسي. فقد ركز لودريان في محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين على موضوعين رئيسيين: التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، والقرار 1701. أما الملف الرئاسي، فقد اكتفى لودريان باستمزاج آراء ومقاربات الأطراف اللبنانية، دون البت بأي تفاصيل.


وبحسب مصادر سياسية، فإن عدم اهتمام فرنسا بالانتخابات الرئاسية اللبنانية، له دلالات خاصة. فمن الممكن أن تعتقد باريس أن الظروف غير مؤاتية حاليا لانتخاب رئيس، أو أن باريس فقدت بعض نفوذها في لبنان، ولم تعد كما كانت في السابق "الأم الحنون" التي سارعت لإحتضان لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت. وقد زاد الأمر سوءا مع الاصطفاف الفرنسي إلى جانب كيان العدو الإسرائيلي في العدوان على غزة، الأمر الذي ترك ارتدادات وانعكاسات سلبية ستظهر مستقبلا.

وأول مؤشرات التراجع الفرنسي، بحسب المصادر، تتمثل بأدوار تلعبها دول أخرى مؤثرة في الاستحقاقات الداخلية اللبنانية. وهنا يبرز الدور المحوري المرشح أن تؤديه قطر. فقد سبقت زيارة لودريان زيارة موفدها جاسم آل ثاني إلى لبنان، والتي تركت تفاعلات إيجابية لدى من التقاهم خلافا لما حصل مع لودريان. وليس سرا أن قطر عاودت حركتها الرئاسية بدعم الدول الخمس، وتحاول لعب دور رئاسي وتحريك الملف من خلال العمل على إيجاد مرشح توافقي، يشكل التقاء بين اللبنانيين.

واكدت المصادر ان الدخول القطري على الملف الرئاسي، يأتي مع تراجع وفشل الدور الفرنسي وجولات لودريان التي لم تنتج حلا رئاسيا. وفي الوقت الذي يتردد ان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي طلب في زيارته الأخيرة الى الدوحة، من المسؤولين القطريين تدخلا عاجلا بالملف الرئاسي، فكانت جولة جاسم آل ثاني.

على ان الدخول القطري على خط الإسناد الرئاسي له أهميته بعد عملية طوفان الأقصى، على حد قول المصادر، والحديث عن تحولات سياسية كبرى ومتغيرات على صعيد المنطقة ولبنان. خصوصا ان قطر هي اللاعب الدولي القوي في الأزمات السياسية، حيث نجحت الدوحة بمتابعة تنفيذ الهدنة وعملية تبادل الأسرى بين حماس و"الاسرائيليين"، والمعروف حسن العلاقة بين حماس والدولة القطرية التي تستضيف قيادات حماس، وتساهم بدعم غزة إنسانيا وماليا.

وانطلاقا من دورها في استنباط الحلول يمكن لقطر، كما تقول المصادر السياسية، ان تنجز شيئا في الملف اللبناني الشائك، فقطر على علاقة جيدة بالمعارضة وفريق الممانعة، ويتوقع ان يكون لها دور فاعل في الاستحقاق الرئاسي ووضع لبنان على سكة الحلول ومسار الحل، على اعتبار ان التسوية الرئاسية لن تكون منفصلة عن حلول المنطقة وخريطة الشرق أوسطية المقبلة.

الدور القطري في لبنان ليس جديدا، تضيف المصادر، ويظهر في الأزمات الحادة منذ اتفاق الدوحة فقد ساهمت بإعادة اعمار لبنان، كما ساهمت ببناء الصروح والجسور، وتساهم ايضا بمستحقات مالية شهرية للجيش اللبناني، حيث تتميز الديبلوماسية القطرية بقدرتها على التواصل مع كل الأطراف وتحقيق اختراقات، لا تستطيعها دول عظمى. فهل تصح المعادلة هذه المرة رئاسيا، ويأتي الرئيس المقبل من خلال المسعى القطري؟ فما رشح من جولة الموفد القطري (ابو فهد)، يؤكد التدرج من مرشح رئاسي معين الى استمزاج جميع المواقف في الشأن الرئاسي من دون استثناءات، من خلال ضرورة التوافق على إسم توفيقي للرئاسة.


المصدر : الشفافية نيوز