تعلن التنظيمات المسلّحة المنتشرة في الشرق الأوسط انتصارها سلفاً، وبشكل دائم، ومنذ ما قبل بَدْء أي حرب لها، وتقول إن انتصاراتها إلهية، وتؤكد ذلك لشعوبها. لكن، رغم الاختلافات العقائدية والجوهرية الكثيرة والكبيرة القائمة في ما بينها، فإن التنظيمات المسلّحة تتفق على أمر واحد: أن انتصاراتها هي انتصارات إلهية. كيف يمكن تفسير هذا التناقض؟ كيف يمكن لتنظيمين مسلّحين يقاتلان على نفس الجبهة، ولهما نفس الهدف، أن يعلن كل منهما انتصاره؟


أعلنت التنظيمات المسلحة المنتشرة في الشرق الأوسط انتصارها مُسبقًا وباستمرار، مُبرزة أن انتصاراتها تعتبر إلهية، وذلك رغم وجود اختلافات كبيرة في العقائد والجوانب الأساسية بينها. تُظهر هذه التنظيمات قدرة على تجاوز التمويل والتسليح والتدريب الذي يأتي من مصادر مختلفة، وتُظهر رؤية دينية ودنيوية متباينة للعديد من القضايا، حتى حد تكفيرها لبعضها البعض على الرغم من المصالح المشتركة.

تُثار تساؤلات حول كيفية تفسير هذه التنظيمات لمعنى "انتصاراتها الإلهية" بالنسبة لشعوبها، خاصة عندما يختلف الانتماء الديني وتتداخل المصالح في ساحات القتال. يظهر أن هناك تباينًا كبيرًا في النظرة نحو الأمور "المهدوية" حتى داخل التنظيمات الإسلامية المسلحة نفسها، مما يفتقر إلى اتفاق تام في هذا السياق.

في ظل هذه الحقيقة، يُطرح السؤال حول كيف يمكن لهذه التنظيمات تفسير الانتصار والنصر باعتبارهم يؤمنون بأن جهاد كل تنظيم هو انتصار لعقائده ومعتقداته الدينية، وبالتالي، مع من يكون الله في نظر هذه التنظيمات عندما تشترك في صراعات دموية؟

الكاتب السياسي أحمد الأيوبي يلقي الضوء على التعقيدات في هذا السياق، حيث يُشير إلى تباين الرؤى العقائدية بين النظام السوري وإيران، وكيف يمكن لتنظيمات تكفّر بعضها البعض أن تتحالف على أساس المصلحة رغم اختلاف العقائد. يُبرز أيضًا أن الهدف الرئيسي لتلك التنظيمات هو الحفاظ على وجودها، مما يفترض أنها مُنتصرة في إطار قيمها ومفاهيمها الخاصة، حتى وإن كان ذلك يعني استمرار الظلم والصراعات.

يشير الأيوبي إلى التناقض في رؤى بعض التنظيمات حول استفحال الظلم قبل ظهور المهدي، مقابل ادعائها بأنها منتصرة دائمًا، مُظهرًا كيف يعتبر بعضهم أن الظلم يجب أن يسبق ظهور المهدي، وهو ما ينعكس في الوحشية وسفك الدماء في العديد من المناطق.

أخيرًا، يلقي الأيوبي الضوء على التحولات في المنطقة ويشير إلى الفارق بين مزاج الشعوب والميليشيات، حيث يشير إلى رفض ملايين السوريين للنظام الحاكم وتأييدهم لدولة وطنية تُقام على أسس العدالة والحرية، ولكن يظهر أن تلك الميليشيات تفرض سيطرتها بالقوة وتُظهر نماذج من التخلّف والفقر والجوع.


المصدر : وكالة أخبار اليوم