نجح لبنان حتى الآن في تجنب حرب واسعة النطاق، وذلك بفضل قرار مباشر من حزب الله بحصر القتال لدعم غزة والمقاومة هناك بالمنطقة الحدودية الجنوبية المتاخمة للأراضي المحتلة.


ومع ذلك، فإن تطورات كثيرة حدثت مؤخرا تجعل احتمال الحرب الموسعة قائما، وإن كان لا يزال محدودا.

فقد عادت كل الموفدين الذين أرسلتهم إسرائيل إلى بيروت، أبرزهم الموفدين الفرنسيين جان إيف لودريان وبرنار امييه، بأجوبة سلبية وقاطعة من حزب الله بشأن تحييد الجبهة اللبنانية ووقف إطلاق النار وانسحاب عناصره إلى شمالي الليطاني.

وكانت إسرائيل تسعى في البداية إلى فرض تطبيق القرار 1701 معدلا، ما يضمن قيام منطقة معزولة على الحدود الجنوبية لا يوجد فيها مقاتلون ولا حتى مدنيون. ولكن بعد ذلك، خفضت سقف طموحاتها، فباتت تحاول إقناع الحزب عبر الوسطاء بالعودة للالتزام بالقرار 1701 بكل مندرجاته.

ولكن حزب الله أجاب من دون مواربة بأن جبهة لبنان ستبقى مفتوحة كجبهة مناصرة ودعم ما دام العدوان مستمرا على غزة.

لا يجد حزب الله أي سبب أو مبرر لوقف العمليات القتالية ما دام العدو يواصل مجازره والابادة التي يشنها في غزة. فهو يعتبر أن الضغوط التي مارسها ويمارسها تؤدي فعلها، وبخاصة لجهة عدم السماح بالاستفراد بالمقاومة الفلسطينية والتصدي لأي عملية تهجير.

ولذلك، قال الحزب بصراحة لسائليه إن العمل مجمد بالقرار 1701 ما دامت الحرب قائمة في غزة. أما ما بعد وقف إطلاق النار فعندئذ لكل حادث حديث، من دون أن يحسم العودة للالتزام ببنود القرار.

من جهتها، تدرس إسرائيل خياراتها للتعامل مع إجابات حزب الله الصارمة. فإما أن تتواصل الحرب بشكلها ووتيرتها الحالية على الحدود الجنوبية، أو أن تتخذ قرار السعي إلى فرض تطبيق القرار 1701 اليوم بالقوة، ما يؤدي إلى حرب موسعة على لبنان.

ولكن إسرائيل لا تجد مصلحة على الإطلاق بفتح جبهة لبنان اليوم، وهي جبهة تستلزم استنفار كل قواتها للقتال عليها. كما أن أي مغامرة إسرائيلية في هذا المجال قد تؤدي إلى حرب تشمل دول المنطقة، ما يعني تهديد مصير إسرائيل ككل.

الموقف الأمريكي الحاسم في مجال رفض حرب موسعة على لبنان يشكل عاملا أساسيا رادعا لإسرائيل. فقد أبلغ مسؤولون أمريكيون مسؤولين لبنانيين أنهم لا يؤيدون الطريقة الفرنسية في مقاربة الملف، ويعلمون أنها لا تنفع مع حزب الله.

ليس خافيا أن إسرائيل تأخذ كل الاحتمالات على محمل الجد، ومنها توسعة الحرب بعد العيد. ولكن لن تتحرك من دون غطاء وضوء أخضر أمريكي. وما دامت واشنطن لا ترى مصلحة راهنة بذلك، ستبقى قواعد الاشتباك على حالها بانتظار ما سيقوله الميدان في غزة.


المصدر : الشفافية نيوز