يطرح التطور السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تحديات كبرى للبشرية، حيث يثير تساؤلات حول مستقبل الإنسانية ومكانتها في الكون. وسأل الكاتب الصيني تشينيانغ لي في مقاله "تحدي الذكاء الاصطناعي ونهاية الإنسانية - الفشل في البحث عن الجوهر الإنساني": هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل البشر؟


يبدأ لي بالإشارة إلى أن البشر لطالما بحثوا عن إجابات لسؤال "من نحن؟" واعتبروا أن الوعي الذاتي والقدرة على تشكيل المجتمع هما من الصفات التي تميزهم عن باقي الكائنات. ومع ذلك، فإن التطور السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قد أدى إلى تقليص المسافة بين العالم البشري وغير البشري، وأصبح من الممكن الآن للآلات أن تمتلك وعي ذاتي وأن تشارك في الأنشطة الاجتماعية.

ويشير  لي إلى أن هذا التطور قد يؤدي إلى سيناريوهين متعارضين. في السيناريو الأول، قد يستمر البشر في الوجود كنوع بيولوجي، ولكنهم سيفقدون تميزهم وجوهرهم، وبالتالي ستنتهي الإنسانية كما نعرفها. وفي السيناريو الثاني، قد يتجاوز الذكاء الاصطناعي ذكاء البشر ويتطور إلى شكل جديد من الحياة، مما يؤدي إلى اختفاء البشر تماماً.

يرى بعض العلماء والفلاسفة أن الذكاء الاصطناعي يمثل تهديداً حقيقياً للبشرية. ويستند هذا الرأي إلى عدة عوامل، منها:

  • أن الذكاء الاصطناعي يزداد تطوراً بسرعة، حيث يتمكن من أداء المهام التي كانت تتطلب في السابق ذكاءً بشرياً كبيراً.
  • أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يطور قدراته بنفسه، دون الحاجة إلى تدخل بشري.
  • أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يستخدم لأغراض ضارة، مثل تطوير أسلحة ذاتية التوجيه أو السيطرة على الأنظمة الحيوية.

 

بينما يرى آخرون أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون قوة إيجابية في خدمة البشرية. ويستند هذا الرأي إلى عدة عوامل، منها:

  • أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد البشر على حل مشكلاتهم، مثل تغير المناخ والفقر والمرض.
  • أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر فرصاً جديدة للبشر، مثل خلق وظائف جديدة وتحسين نوعية الحياة.
  • أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد البشر على فهم أنفسهم والعالم من حولهم بشكل أفضل.

 

 أما فريق ثالث من العلماء والفلاسفة يرى أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يشكل تهديداً حقيقياً للبشرية، لأنه يظل في النهاية أداة بشرية. ويستند هذا الرأي إلى عدة عوامل، منها:

  • أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على المعلومات والبرامج التي يوفرها البشر، وبالتالي فإنه يظل خاضعاً لسيطرتهم.
  • أن الذكاء الاصطناعي لا يمتلك القدرة على التفكير الإبداعي أو اتخاذ القرارات المستقلة، وبالتالي فإنه لا يمكن أن يشكل تهديداً حقيقياً للبشر.

يبدو أن الرأي الثالث هو الأكثر منطقية، حيث يؤكد أن الذكاء الاصطناعي يظل في النهاية أداة بشرية. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن الذكاء الاصطناعي لا يشكل أي تهديد للبشرية. فحتى لو ظل الذكاء الاصطناعي خاضعاً لسيطرة البشر، فإنه يمكن أن يستخدم لأغراض ضارة، مثل تطوير أسلحة ذاتية التوجيه أو السيطرة على الأنظمة الحيوية.

ولذلك، من المهم أن نكون على دراية بالمخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، وأن نضع أنظمة تحكم مناسبة لتجنب هذه المخاطر. كما من المهم أن نستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، وأن نسعى إلى تحقيق أهداف إيجابية للبشرية.

 

يبقى مستقبل الذكاء الاصطناعي غير مؤكد، ولكن من المهم أن نبدأ الآن في التفكير في كيفية التعامل مع هذا التحدي. فنحن بحاجة إلى تطوير أنظمة تحكم مناسبة لتجنب المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، كما نحتاج إلى استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول لتحقيق أهداف إيجابية للبشرية.

 


المصدر : الشفافية نيوز