ترى المصادر الدبلوماسية الأوروبية أن الانتباه الغربي قد تحول، منذ اندلاع حرب غزة، ليتمحور حول منع امتداد إسرائيل إلى المناطق الأخرى، وبشكل خاص إلى الجبهة اللبنانية. تكاثرت التحذيرات من احتمالية حدوث حرب واسعة، وهو ما حاولت واشنطن تجنبه من خلال إرسال حاملتي طائرات وغواصة ومجموعة من القطع الحربية المرافقة إلى مياه المتوسط قبالة الشاطئين الإسرائيلي واللبناني، بهدف ترهيب حزب الله.


يبدو أن الحرص الغربي لم يكن بسبب القلق على لبنان الذي يعاني من أزمات متعددة، بل لمنع تشتيت القوات الإسرائيلية وإجبارها على مواجهة جبهتين. لكن التحشيد العسكري والتحذيرات السياسية والدبلوماسية لم تمنع حدوث تصعيد محدود على الجبهة المذكورة، ولكن بما يتوافق مع قواعد الاشتباك التقليدية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله.

وبالرغم من ذلك، أدى ازدياد وتيرة المناوشات إلى زيادة جهود الولايات المتحدة وخاصة فرنسا، التي تركزت على إحداث تهدئة عسكرية من خلال تطبيق القرار الدولي رقم 1701 الصادر في أغسطس 2006، وتحديدا البند الثامن الذي ينص على إزالة الأسلحة والمسلحين من المنطقة الواقعة بين الحدود ونهر الليطاني، باستثناء الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل. وقد مارست إسرائيل ضغوطًا كبيرة من خلال مسؤولين كبار، مثل وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي وعد بطرد قوات حزب الله خارج المنطقة المشار إليها، سواء بالطرق الدبلوماسية إذا توافرت الفرصة، أو عنوة إذا لم تكن هناك فرصة.

ولا يزال حزب الله متمسكًا رسميًا بحقه في الاحتفاظ بسلاحه وقواته، ويربط ذلك باستمرار وجود إسرائيل في الأراضي اللبنانية المحتلة (مثل كفرشوبا ومزارع شبعا وشمال بلدة الغجر)، وضرورة حل الخلافات الحدودية الـ13 المتعلقة بالخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة. وبالتالي، ترى المصادر الأميركية - الفرنسية أن تجاوز مخاطر التصعيد يتطلب إيجاد آلية مناسبة لتنفيذ واحترام القرار 1701، والذي يتحمل مسؤولية تنفيذه الطرفان، إسرائيل وحزب الله، وذلك من خلال الجهود الدبلوماسية وسحب حجج الحزب ووقف انتهاكات إسرائيل للقرار المذكور. وقد أكد وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب أن إسرائيل انتهكت القرار 1701 أكثر من 30 ألف مرة منذ عام 2006.

وفي هذا السياق، تسعى فرنسا إلى بذل جهود لاحتواء التوتر، بدءًا من إرسال وزيرة الخارجية كاترين كولونا إلى باريس للقيام بأدوار دبلوماسية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.


المصدر : الشفافية نيوز