تواجه المؤسسة العسكرية اللبنانية تحديات كبرى في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد. ففي ظل استمرار الفراغ الرئاسي، تبرز قضية قيادة الجيش كأحد الملفات الأكثر أهمية في لبنان، حيث يرتبط استمرار المؤسسة العسكرية باستقرار البلاد ومنع انتشار الفوضى.


يحمل قائد الجيش العماد جوزاف عون على عاتقه منذ انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 مسؤولية كبيرة في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد. فقد حاول الموازنة بين الشارع وبين الحفاظ على الأملاك العامة والخاصة، ولم يستطع تلبية مطالب العهد والنائب جبران باسيل، وتصدى لكلّ محاولات ضرب «المنتفضين».

وقد رفع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سقف التحدّي، ونجح في جعل قضية التمديد لعون مسألة وطنية ومسيحية، فاستمرار عون على رأس المؤسّسة العسكرية يعني إبقاء ماروني على رأس القيادة بعد الفراغ الرئاسي.

وربطت دول عدّة المساعدات بما سيحلّ في قيادة الجيش، لأنه يتوجّب على قائد الجيش تأمين استمرارية الجيش وحشد المساعدات له. وقد جال العماد عون على بعض الدول طالباً المساعدة وتأمين الخدمات، وعلى رأسها التغطية الصحية، مستفيداً من تقدير المجتمع الدولي دور الجيش ومن عدم انغماس هذه المؤسسة بالفساد.

ويعتبر التواصل مع دول العالم تحدياً كبيراً لمن يستلم زمام القيادة، فإذا فشل في هذه المهمة توقفت المساعدات التي تبقي الجيش صامداً. وقد ربطت دول عدّة الاستمرار في الدعم مقابل تأمين استمرار عون بالقيادة في هذا الظرف.

وتكشف مصادر ديبلوماسية متابعة أنّ الوضع الأمني اللبناني يستدعي القلق، ولا يتوقّف الأمر على تطوّرات الجنوب، بل يصل إلى الداخل. ويبرز تخوّف أوروبي وغربي من هزّات أمنية ستؤدّي حتماً إلى تمدّد نار الفوضى إلى دول الجوار ولن تقف فوضى لبنان حينها على الداخل، لذلك تُصرّ تلك الدول على تأمين الاستقرار في قيادة الجيش.

وتقع على عاتق الجيش مهمة ضبط الأمن على الأرض، فما يحصل من خضّات إقتصادية كانت نتائجه لتكون كارثية لولا وجود هيبة عسكرية على الأرض. ومن ناحية ثانية، تقع على عاتق الجيش مهمة ضبط النزوح السوري ومواجهات موجات النزوح الجديدة. والتحدّي الأبرز في هذه المرحلة، هو مواجهة ما يحصل في الجنوب وتطبيق القرار 1701.

إذاً، التحديات الملقاة على عاتق الجيش كثيرة وكبيرة، وإذا اجتمعت تعني أمراً واحداً وهو استمرار الكيان، فإذا اهتزّت المؤسسة العسكرية سقط آخر حصون الشرعية وفتح الوضع على أخطر السيناريوهات.

 

يبقى التحدي الأكبر أمام الجيش اللبناني هو استمرار الفراغ الرئاسي، ففي ظل غياب رئيس للدولة، يصعب اتخاذ القرارات اللازمة لمعالجة الأزمات التي تواجه البلاد. كما أن استمرار الفراغ الرئاسي يهدد بمزيد من الانقسامات السياسية، الأمر الذي قد يؤثر سلباً على أداء الجيش.

ورغم كل التحديات، يبقى الجيش اللبناني المؤسسة الأكثر استقراراً في لبنان، وهو يحظى بتقدير كبير من الشعب اللبناني والدول العربية والدولية.


المصدر : الشفافية نيوز