تُقلق الأسواق الدولية الهجمات الحوثية المتكررة في البحر الأحمر، والتي تستهدف بشكل أساسي السفن المتجهة إلى إسرائيل. وقد أدت هذه الهجمات إلى تعليق رحلات شركات شحن عالمية كبرى، وهو ما قد يُؤثر سلباً على حركة التجارة العالمية، لا سيما في الدول التي تعتمد على استيراد السلع من منطقة البحر الأحمر.


في أعقاب إعلان جماعة الحوثيين، يوم السبت الماضي، أنها ستهاجم أي سفينة تبحر إلى إسرائيل، أياً كانت جنسيتها، أعلنت شركة شحن الحاويات العملاقة "إيه بي مولر ميرسك" تعليمات لسفنها المتجهة إلى المدخل الجنوبي للبحر الأحمر بوقف رحلاتها. كما أعلنت شركة شحن الحاويات الألمانية "هاباج لويد"، يوم الجمعة، تعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر مؤقتاً.

ويأتي هذا التعليق في وقت تشير بيانات ملاحية إلى أن ميناء الحديدة، الذي تسيطر عليه جماعة الحوثيين، سجل نمواً كبيراً في نشاطه التجاري خلال عام 2023، بنسبة بلغت 52% بالمقارنة مع عام 2022. في حين ارتفع عدد السفن التجارية الواصلة إلى الميناء خلال العام الجاري بنسبة 75%.

ويتوقع خبراء اقتصاد أن إقدام "ميرسك"، وهي ثاني أكبر شركة لخدمات الشحن البحري في العالم، على إيقاف عملياتها عبر البحر الأحمر، قد يكون له تبعات جسيمة على عدد كبير من الدول ومنها اليمن نفسه، الذي يعتمد على استيراد 90% من احتياجاته السلعية من الخارج.

ويقول المحلل الاقتصادي اليمني فؤاد نعمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن هناك مخاوف واسعة من تبعات ما يجري في البحر الأحمر وباب المندب على السوق اليمنية، من حيث المعروض السلعي وصعوبات الاستيراد والشحن التجاري إلى البلد الذي يتوقع أن تتضاعف بشكل كبير بسبب ما يحدث، حيث من المرجح أن ترفض شركات الشحن والتأمين العالمية التعامل مع الموانئ اليمنية.

ويتوقع خبراء اقتصاد تجدد الصراع الاقتصادي في اليمن في ظل التحركات الأميركية الواسعة لتشكيل تحالف عسكري دولي في البحر الأحمر لمواجهة الحوثيين. ولا يستبعد مراقبون عودة المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين وإعادة إغلاق ميناء الحديدة.

ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز اليمنية محمد قحطان، لـ"العربي الجديد"، إن "هجمات الحوثيين سترفع تكلفة التأمين على النقل البحري عبر باب المندب، كما ستؤدي إلى تكثيف التواجد العسكري للدول الاستعمارية المنتشرة في البحر الأحمر وعلى رأسها الولايات المتحدة، والتي ستوظف ذلك بتنفيذ مخططاتها الرامية لتهميش مضيق باب المندب من خلال توجيه حركة النقل التجاري البحري لطرق بديله تكون تحت سيطرتها مثل مشروع الطريق الرابط بين دول آسيا وأوروبا عبر البحر المتوسط (طريق الهند ـ أوروبا) وإعادة تفعيل طريق رأس الرجاء الصالح".

ويتوقع قحطان تأثر اليمن من الارتفاع المحتمل في تكاليف الشحن التجاري، ومواجهة البلاد المزيد من صعوبة الاستيراد وهي دولة استهلاكية تعتمد بدرجة رئيسية على ما يصلها من الواردات من الأسواق الخارجية، مشيرا إلى أن التضييق على حركة المرور الدولية عبر باب المندب يعني مزيدا من انهيار وضع التجارة الخارجية لليمن، وبالتالي مزيدا من التدهور الاقتصادي والإنساني.

 

تُعتبر هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تطوراً خطيراً يُهدّد حركة التجارة العالمية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط. وقد تؤدي هذه الهجمات إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وزيادة التوترات في المنطقة.


المصدر : الشفافية نيوز