كما هو الحال في كل عام، تُرصد في الموازنة العامة نفقات سرية للأجهزة الأمنية اللبنانية. وهي نفقات محددة ومعروفة، غير أن طريقة إنفاقها والجهات المستفيدة منها (من ضباط وعناصر ومخبرين وكلفة العمليات الأمنية) سرية وغير معروفة ولا تخضع لرقابة مالية أو إدارية في طريقة إنفاقها.


 

في مشروع قانون موازنة العام 2024، بلغت قيمة النفقات السرية للأجهزة الأمنية 122.7 مليار ليرة لبنانية، مقارنة بـ48 مليار ليرة في قانون موازنة العام 2018 (أي قبل الانهيار المالي). وفي حال احتساب هذه النفقات وفقًا لسعر صرف الدولار في الفترات المذكورة، فهي وصلت في العام 2018 إلى 31.8 مليون دولار، وانخفضت في العام 2024 إلى 1.379 مليون دولار، أي أنها ارتفعت بالليرة اللبنانية بنسبة 155%، بينما انخفضت بالدولار بنسبة 96%.

وتبلغ هذه النفقات قيمة تفوق موازنة وزارات البيئة والمهجرين والشباب والرياضة والصناعة. فعلى سبيل المثال، تبلغ موازنة وزارة البيئة 61 مليار ليرة، وموازنة وزارة المهجرين 37 مليارًا، وموازنة وزارة الشباب والرياضة 101 مليار، وموازنة وزارة الصناعة 66 مليارًا.

أما توزيع هذه النفقات على الأجهزة الأمنية، فيُظهر أن الحصة الأكبر للجيش اللبناني، وتبلغ 45.9 مليار ليرة، ما نسبته 37.4% من إجمالي النفقات السرية. وتليها قوى الأمن الداخلي بـ37.4 مليار ليرة، أي ما نسبته 30.7%، ثم الأمن العام بـ22.5 مليار ليرة، أي ما نسبته 18.3%، ثم أمن الدولة بـ16.9 مليار ليرة، أي ما نسبته 13.8%، ثم الشرطة القضائية بـ1.4 مليار ليرة، أي ما نسبته 1.2%.

ارتفاع النفقات السرية بالليرة رغم الانهيار المالي

يثير ارتفاع النفقات السرية للأجهزة الأمنية في لبنان تساؤلات عديدة، خاصة في ظل الانهيار المالي الذي تشهده البلاد. ففي الوقت الذي تعاني فيه الدولة من عجز مالي كبير، وتقلص خدماتها الأساسية، تُرصد هذه النفقات الضخمة للأجهزة الأمنية، والتي لا تخضع لرقابة مالية أو إدارية.

ويرى البعض أن هذا الارتفاع يهدف إلى تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية، ومواجهة التحديات الأمنية التي تواجه لبنان، خاصة في ظل الأزمة السورية ووجود تنظيمات إرهابية في المنطقة. بينما يرى البعض الآخر أن هذا الارتفاع يُعد هدرًا للمال العام، ولا يرتبط بأهداف أمنية واضحة.

مطالب بزيادة الرقابة على النفقات السرية للأجهزة الأمنية

في ظل هذه التساؤلات، ترتفع مطالب بزيادة الرقابة على النفقات السرية للأجهزة الأمنية. حيث يطالب البعض بإنشاء هيئة رقابة مستقلة تتولى مراقبة هذه النفقات، وضمان صرفها في الأغراض المخصصة لها. بينما يطالب البعض الآخر بنشر تفاصيل هذه النفقات على الملأ، حتى يتمكن المواطنون من معرفة كيفية صرفها.

ويبقى السؤال المحير: ما هي أسباب هذا الارتفاع الملحوظ في النفقات السرية للأجهزة الأمنية في لبنان؟ وهل هي مبررة في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد؟


المصدر : الشفافية نيوز