جدّد مرضى السرطان صرختهم أمام السرايا الحكومي قبل انتهاء العام ٢٠٢٣، فالدولة اللبنانية لم تُعالج بعد أزمة فقدان الدواء، فدخل المرضى في دوامة لا متناهية من القلق والخوف من الموت الذي يُرافقهم. 


في العام ٢٠٢٢ حمل المرضى صناديق خشبية في ساحة ساسين الأشرفية وقاموا بتكسيرها رافضين الموت بسبب فقدان الأدوية في السوق. وهذه الأزمة لا تزال مستمرة حتى العام ٢٠٢٣، فالأدوية غير متوفرة  في السوق، ويُجبر المريض إلى شراء الدواء من خارج الأراضي اللبنانية، والأدوية المدعومة من وزارة الصحة لم تعد متوفرة جميعها في السوق أيضًا، وبالتالي يلجأ المريض إلى شراء الدواء بآلاف الدولارات من السوق اللبناني في حال توفر، أو إلى طلبه من بلدان مختلفة.
وفي الأشهر الأولى من بداية العام ٢٠٢٤، ستعتمد وزارة الصحة "بروتوكول الدول الاكثر فقرًا" بحيث أنها ستدعم أدوية مستوردة من الهند، وذلك بسبب عدم قدرتها على تأمين تمويل مرتفع كالسابق، اذ انخفض التمويل الشهري من ٣٠ مليون دولار اميركي إلى ٥ ملايين دولار شهريًا، بينما التكلفة الفعلية لدعم جميع أدوية السرطان فتبلغ حوالى ٣٠٠ مليون دولار بشكل شهري. 
وخوف المرضى اليوم من عدم جودة الأدوية الهندية، حيث أن معظم هذه الأدوية لم تطبق عليها البحوث الطبية ولم تخضع للمخبترات الطبية للتأكد من جودتها وفعاليتها، فالخوف الأكبر أن لا تؤثر ايجابًا في جسم المريض.
والأرقام الرسمية لمرضى سرطان في لبنان باتت مرعبة، إذ تجاوز عددهم الـ٣٠ ألف مريض، ويصاب سنويًا حوالى ١٨ ألف شخص في لبنان، أما اعداد الوفيات فبلغ حوالى ١٢ ألف. 
وتعتبر نسب الموت مرتفعة في لبنان بسبب فقدان الأدوية المدعومة وارتفاع تكاليف الأدوية غير المدعومة، فانقطع معظم المرضى عن متابعة علاجهم في الفترات المحددة، الأمر الذي ساهم في تفاقم المرض وانتشاره وادى إلى موت البعض منهم.
من جهتها أعلنت وزارة الصحة العامة في بيان أن المسألة الشائكة حول تمويل أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية عادت لتبرز بتحدياتها من جديد. 
وأوضحت النقاط التالية: 
- إن وزارة الصحة العامة تتفهم الصرخة المحقة التي يطلقها مرضى الأمراض السرطانية والمستعصية وتشاركهم وجعهم نتيجة حصول نقص في عدد من أصناف الأدوية نظرًا لتقلص الكميات التي تسلمتها الوزارة بسبب نقص الإعتمادات. 
وأكدت أن هذه المسألة الشائكة والتي وضعها وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض في أولوية إهتماماته منذ تسلمه مهامه الوزارية ولا يزال، عادت لتتجدد بسبب نقص التمويل. 
وقد طرح الوزير الأبيض مقترحات حلول لهذه المشكلة في الإجتماع الأخير الذي عقد برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحضور وزير المالية الدكتور يوسف خليل وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، وأسفر البحث عن وعد بإقرار هذه المقترحات وإصدار المراسيم المطلوبة لفتح الإعتمادات في أول جلسة مقبلة لمجلس الوزراء، ما سيؤمن التمويل اللازم والإضافي لهذه الأدوية. 
- إن الوزارة وفي سياق سعيها لتنظيم ملف أدوية الأمراض السرطانية وضعت برنامج أمان ونظام التتبع وأرست البروتوكولات العلمية لوصفها، وقد حقق ذلك نقلة نوعية في تأمين وصول الأدوية إلى مستحقيها بشفافية ومنع التهريب والإحتكار وأي متاجرة بها. ومن نافل القول إن غياب التمويل ينعكس سلبًا على هذا المسار الذي سيعود للعمل بفعالية فور تأمين الإعتمادات. 
- إن الأمراض السرطانية والمستعصية معاناة حقيقية للمرضى وعائلاتهم، والوزير الأبيض لا يوفر جهدًا لإيجاد حلول دائمة تضمن إستقرار العلاج من خلال تنظيم السوق. وإن تجدد المشكلة لن يشكل عائقًا بل إنه دافع إضافي للإسراع في إرساء الحلول مع مد اليد لجميع المعنيين للإشتراك بالجهود المبذولة بإيجابية بما يضمن حقوق المرضى طبيًا ومعنويًا ويقلص معاناتهم


المصدر : الشفافية نيوز