عطالله وهبي _ كاتب ومحلل سياسي


في هذا العام، تتحول حرب غزة إلى حرب "جهادية سنية" كبيرة في مواجهة الولايات المتحدة.
تحولت حماس بعد 7 أكتوبر إلى جهاد سني عالمي تعمل على تحشيد الرأي السني على امتداد العالم العربي خلفها، لتصبح كما قبلها (القاعدة وداعش) منظمة جهادية سنية (اخونجية) تمتد إلى أكثر من ٧٠ دولة، مما يتطلب تحالفًا دوليًا لمواجهتها.
من وجهة نظر العالم، تُعتبر هذه الحالة مشابهة لأحداث 11 سبتمبر، حيث من المتوقع أن تُثير العالم الإسلامي من جديد، كما حدث مع تنظيمي القاعدة وداعش.
في نظر الغرب، تُعتبر هذه التنظيمات قوى ظلامية إسلامية تحمل قادة مثل محمد الضيف – قائد الجناح العسكري لكتائب عز الدين القسام- ويحيى السنوار -رئيس حركة حماس في قطاع غزة -  ومتحدث مثل أبو عبيدة، الذي يستشهد بآيات قرآنية، على غرار أسامة بن لادن وأبو بكر البغدادي، خصوصًا وأنّ هذه التنظيمات لديها القدرة على توسيع استهداف مصالح أميركا بجانب "الجهاد الشيعي" الذي سينسحب بعد الاتفاق الأميركي -  الإيراني. 
من هنا، يُعتقد أن الاستثمار الإيراني في عودة التطرف السني سيحدث دون شك. هو ما حصل في لبنان عام 2005 باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما حصل بعدها في مخيم نهر البارد. وقد تكرر المشهد في العراق أيضًا عام 2006 بتفجير مسجد الإمام العسكري لتأجيج الفتنة السنية – الشيعية، لتظهر بعدها داعش في العراق   بمساعدة قائد قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ورئيس مجلس الوزراء العراقي السابق نور المالكي، وفي سوريا بمساعدة أمين عام حزب الله حسن نصر الله ورئيس النظام السوري بشار الأسد.
كل هذه الأحداث أدت إلى تحول إيران إلى حليف استراتيجي لمواجهة التطرف السني، وهو السيناريو الإيراني الذي يمكن أن يتكرر.
تطمح إيران من خلال هذا السيناريو إلى أن تعود حليفة للولايات المتحدة في المنطقة، وتقوم بترتيب أوضاعها بداية من اتفاق نووي ورفع التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري.
واليوم تغادر أكبر حاملة طائرات في العالم، "جيرالد فورد"، الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه، تستقر مدمرة إيرانية محملة بصواريخ كروز في باب المندب.
مع التطرف الإسرائيلي الذي أنهى بشكل نهائي حل الدولتين بمساعدة "7 أكتوبر"، انتهت القضية الفلسطينية، وبعد غزة، ستتفرغ إسرائيل للضفة، والخطة هي ألا تكون هناك دولة فلسطينية على الإطلاق، بل دولة واحدة إسرائيلية، وتدير مصر قطاع غزة بتعديل "كامب ديفيد"، وتدير الأردن الضفة بتعديل "وادي عربة".
عمل استهداف السفارة العراقية والمساجد في تركيا، الذي تم إحباطه، هو فصل آخر في شريط التفليت من التطرف السني، الذي لا ينتهي باحتراق أشجار الميلاد في مدينة طرابلس اللبنانية.
إيران تأمل في عودة التخطيط الإيراني - الإسرائيلي- الأمريكي للعمل مرة أخرى، مع القضاء على التطبيع السعودي - الإسرائيلي الذي كان يتم التحضير له بالتزامن مع ممر الهند.
فهل تنجح إيران مرة أخرى في تحويل المنطقة إلى "قاعدة" و"داعش"؟ ذلك يعتمد على التحرك الخليجي المصري السعودي، الذي حتى الآن رفض "علناً" الانضمام إلى حلف الرخاء في البحر الأحمر، ويتمسك بالتفاهم الإيراني- السعودي برعاية صينية، ودفع معونات للحوثيين لرد البلاء، وزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يعتبر معاقبًا دوليًا للإمارات والسعودية.
الثابت بلا شك هو عودة "دعشنة السنة" أو "حمسنتهم" بقوة. وعلى هذا الأساس، تعد الفترة الانتظارية حتى الانتخابات الأمريكية فترة لتحسين شروط التفاوض من قبل الجميع، والنزيف في غزة ولبنان جزء من رؤية الشرق الأوسط التي لم تقرر أميركا شكلها النهائي بعد.


المصدر : Transparency News