باريس تواجه تحديات صعبة في أفريقيا، في مقدمتها ترميم نفوذها المفقود في منطقة الساحل، والتي شهدت في السنوات الأخيرة انسحاب فرنسا منها بعد فشلها في محاربة الإرهاب.


قبل احتفالات عيد الميلاد، قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تغيير مدير المديرية العامة للأمن الخارجي، وهي وكالة المخابرات الفرنسية الخارجية. وحلّ السفير برنار إيميه محله، الذي كان يدير الوكالة منذ عام 2017.


وأشاد وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو بالعمل المتميز الذي قام به إيميه على رأس الوكالة، وقال إنه "حمى الفرنسيين في الظل".



لكن ثمة من ربط بين إقصاء إيميه، الذي يبلغ من العمر 65 عاماً، والفشل الذي أصاب المخابرات الفرنسية الخارجية. فهذه المخابرات لم تنجح في اكتشاف واستباق وتدارك الانقلابات المتلاحقة التي شهدتها بلدان الساحل الثلاثة مالي، بوركينا فاسو والنيجر في الأعوام الأربعة الماضية. وقد أفضت هذه الانقلابات إلى خروج فرنسا من المنطقة وانحسار نفوذها فيها.

وستكون إحدى المهام المطلوبة من مدير المخابرات الخارجية الجديد أن يوفر للحكومة المعلومات والتحليلات التي تساعدها، أولاً، على فهم ما حدث، والعمل بعد ذلك على استعادة بعض ما فقدته في منطقة بالغة الأهمية الاستراتيجية لباريس.


بالنظر إلى مجريات الأعوام الأخيرة، فإن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه السياسة الفرنسية في أفريقيا في عام 2024 هو ترميم نفوذ باريس المفقود في منطقة كان معقوداً فيها اللواء لها رغم حصولها على الاستقلال في ستينات وسبعينات القرن الماضي. وقد تفاقمت صعوبات فرنسا في هذا الصدد بسبب وجود دول منافسة جديدة، مثل روسيا والصين وتركيا، تثبت حضورها في بلدان الساحل وفي أفريقيا بشكل عام.

ومن أبرز علامات الإخفاق الفرنسي في هذا المجال هو خروجها تباعاً من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث كانت قد نشرت قوة "برخان" التي بلغ عددها 5500 رجل متمتعة بدعم لوجيستي وجوي ومخابراتي. وقد وصل الأمر إلى حد إغلاق فرنسا سفارتها في نيامي، مبررة ذلك بالعقبات الخطيرة التي جعلت من المستحيل قيامها بمهامها.

منذ استقلالها، تدخلت فرنسا عسكريًا في العديد من البلدان الأفريقية، منها موريتانيا وليبيا وتشاد وتوغو والكاميرون وجمهورية وسط أفريقيا وزائير ورواندا وجزر القمر، بالإضافة إلى البلدان الأربعة في منطقة الساحل.

العمليات العسكرية الفرنسية في الساحل منذ عام 2013 تركز على محاربة الإرهاب، بينما كانت العمليات الأولى تهدف غالبًا إلى مساعدة أنظمة صديقة لفرنسا.

عملية "سيرفال" في مالي عام 2013 اعتبرت ناجحة لأنها حمت العاصمة باماكو وأجبرت المتمردين على الانسحاب إلى شمال البلاد.

 


المصدر : Transparency News