شهدت الطائفة الكاثوليكية خلال السنوات الأخيرة صراعات نفوذ بين فريقين سياسيين، أحدهما بقيادة الوزير السابق سليم جريصاتي، والآخر بقيادة رئيس المجلس الأعلى للطائفة السابق ميشال فرعون. وقد أدى هذا الصراع إلى انقسامات داخل الطائفة، ووصل الأمر إلى اتهام داني الرشيد، مستشار الوزير السابق سليم جريصاتي، بتأليف جمعية أشرار. وقد أثار هذا الاتهام تفاعلات واسعة داخل الطائفة، حيث انقسم المجلس الأعلى للطائفة إلى قسمين، أحدهما مؤيد للرشيد والآخر معارض له.


لا يزال الادعاء على داني الرشيد يتفاعل ايجابا وهو الذي يشغل منصب ،مستشار الوزير سليم جريصاتي والذي اتهمه القضاء بتأليف جمعية أشرار، وقد سعى لتطال مؤامراته وتهديداته عمق الطائفة الكاثوليكية المدنية والسياسية و الكنسية التي شهدت معارك طائلة في أواخر عهد المجلس الاعلى للطائفة في 2021، بعد ان رفض رئيسه المدني الوزير السابق ميشال فرعون المنتهي ولايته الست سنوات، ترشيح أو تسليم الامانة للوزير السابق جريصاتي، لإعتباره أنه لا يملك الصفات الكافية وقد يحول مسار الطاىفة عن خطها السيادي الوطني التاريخي هدفا في ذلك كريصاتي تمثيل فريقه الامني السياسي، مما أجبر البطريرك عبسي الواقع تحت ضغوطات هذا الفريق إلى تعليق أعمال المجلس.
وفي تفاصيل الاحداث اّنذاك، كان يعتبر الوزير فرعون أنه كمرحلة أولى صاحب مهمة التقارب في وجهات النظر وإخراج المواقف والبيانات بالاجماع، ولو لم تعكس سقف فريقه السياسي الذي كان ركناً فيه أي 14 اّذار كما كان مرجعية الطاىفة واحد اركان المعادلة السياسية ، وإشمأزّ فرعون من الضغط الذي أتى عليه وعلى البطريرك لمنع دعم موقف البطريرك  الراعي في ندائه لحياد لبنان.
ثم رفض فرعون الدفاع في المجلس عن اللواء طوني صليبا، المتّهم في قضية إنفجار مرفأ بيروت، معتبرا أن هذه الضغوطات خطيرة للغاية كون قضية إنفجار مرفأ بيروت يجب أن تأخذ مجراها على أي متّهم وليس دور المجلس الاعلى الدفاع عن متّهم وهو اي فرعون -الذي عايش انفجار مرفاء بيروت وكان الى جانب الاهالي في ما اصابهم من جحيم وكوارث ، فإنقسم المجلس إلى إنقسام عامودي في بضعة أشهر لأول مرة منذ عقود حول هاتين القضيتين، بعد هجوم فريق جريصاتي لمحاصرة البطريرك وفرعون المدعوم من أكثرية المجلس ومرجعيات المجلس الاساسية منها...، بدل إيجاد تسوية كاثوليكية كالعادة لمنع إنفجار المجلس.
وأمام هذه المواقف الغير مألوفة في أدبيات المجلس المؤتمن لايجاد حلول وفاقية، قرّر فرعون، بالرغم من إمتلاكه الاكثرية، تنفيس المواجهة ضمن الطائفة للحد من إحراج البطريرك، وبادر بإجتماعات بعيداً عن المجلس الذي علّق اعماله وضمن صيغ مختلفة لا سيما مع جمهورية النمسا حول الحياد، كما أبدى إنزعاجه للتمديد للواء صليبا في ظلّ الاتهامات عليه التي تضعف المركز الكاثوليكي الذي يعتبر فرعون انه إستطاع الحفاظ عليه، بالرغم من محاولات إلغاء الجهاز.
وفي ظلّ إدارة الخفية والملعنة لهذه الخلافات، كانت الاحزاب والاطراف ضمن الطائفة تراقب بدقّة السجالات التي تجاوزت حدود الطائفة، ودخلت إلى عمق المؤسسة الكنسية، بالرغم من محاولات البعض لتخفيف الازمة التي كان جريصاتي والرشيد وصليبا ومطران زحلة السابق درويش الاطراف المؤثرين، قلقين لتأثير فرعون في الاوساط التقليدية.
واليوم تتسائل الاوساط المراقبة لقضية الرشيد والمؤثرة على جريصاتي وصليبا وفريقهم الضيّق، عن مدى تفاعل وتأثير قضية الرشيد، وإذا كانت ستحيي المواجهات ضمن الطائفة، إذا قرّر فرعون العودة عن شبه إنكفائه لعدم تأجيج مسائل كنسية، بالاضافة الى دخول رمزية عائلة سكاف المعنية الاولى بالملف، والانعكاسات المؤثرة ضمن مدينة زحلة بين المطرانين الجديد إبراهيم إبراهيم والسابق درويش المنتمي إلى فريق الرشيد – جريصاتي – صليبا.
وهذا كله كان يجري في شبه غياب لاي تحرك للبطريك عبسي، الذي سابقاً وقع بإحراج أكبر نظراً لمعادلات ضاغطة، والذي تمنى وطلب من الجميع عدم العودة لها، مقابل مطالب كبيرة في أوساط الطائفة لتفعيل حركة الاجتماعات ضمن الطائفة ورموزها التقليدية اللبنانية.


المصدر : Transparency News