ورد إلى موقعنا من شخصية دينية مسيحية طلبت عدم ذكر إسمها ردّ على كلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حول منشوره الأخير المتعلّق بالجلسة الحكومية الفضفاضة وتحديداً حول فقرة انتخاب رئيس للجمهورية محمّلاً المرجعيات الدينية والسياسية المسؤولية، وننشر الرد كما وردنا:

 

"يسهل على النائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر رمي الإتهامات والمسؤوليات جزافاً وحراماً مخالفاً إحدى الوصايا العشر التي تقول 'لا تشهد بالزور' وقد تكون ذاكرة باسيل مثقوبة وتعاني من خلل أو قد تكون ذاكرة انتقائية تتذكر حدثاً وتسهو عن أحداث كما قد يكون كلامه وتوجّهه إلى المرجعيات الدينية والسياسية واتهامهم بأنهم يشجعون على إطالة أمد الفراغ كلام حق لا يراد منه إلا الباطل والخبث ونشر الضغينة بين أبناء الطائفة تمويهاً لذنوب اقترفها شخصياً أو شارك بها أو برّرها وغطّاها. مهما تكن الأسباب، فهذه الحالة مرضية تحتاج لعلاج الإختصاصيين في هذا المجال، ولكن نودّ في ردّنا هذا أن نذكر بعض الوقائع من تاريخ قديم وحديث أسّست لأسطوانة الشغور الرئاسي منذ دخول العماد ميشال عون معترك السياسة كحالة فردية ومن ثم كتيار سياسي بعد العام ٢٠٠٥ وحاز في زمن ما على سبعين بالمائة من التمثيل المسيحي.

 

نبدأ من العام ١٩٨٨، أولى حالات الشغور الرئاسي الذي كان العماد عون جزءاً منه بتولّيه رئاسة الحكومة العسكرية المكلّفة بتأمين انتخاب رئيس للجمهورية والتي (مثل مرتا) اهتمت بأمور كثير ما عدا المطلوب الواحد منها أي انتخاب رئيس.

ننتقل إلى الشغور الرئاسي في العام ٢٠٠٧ والذي كان للتيار الوطني الحر اليد الطولى فيه من خلال التبليط في وسط العاصمة الذي لم ينتهِ إلا بعد عملية الغدر في ٧ أيار ٢٠٠٨ في بيروت والجبل والتي أدت إلى اتفاق الدوحة الذي قلّص صلاحيات رئاستَي الجمهورية والحكومة بفرض المثالثة المقنّعة وأفضى إلى انتخاب الرئيس ميشال سليمان.

 

وبعده شغور العام ٢٠١٤ الذي استمر على مدى سنتين ونصف كرمى لعيون العماد ميشال عون الذي رفع شعار "أنا أو لا أحد" وكان له ما أراد وكان للبنان أسوأ عهد على الإطلاق شكل خيبة لمناصريه ومعارضيه على حد سواء فتوالت الأزمات وكانت جهنم أرحم على اللبنانيين الذين دفعوا ثمن ارتكابات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

 

وأخيراً وليس آخراً، يعيش اللبنانيون شغوراً مرتبطاً بمن أسس وغطّى وشارك واستفاد من لعنة الشغور الرئاسي، فقرارات حكومات الشغور شرعية إذا كانت لمصلحة باسيل وغير شرعية إذا تعارضت معه، وكذلك الأمر في جلسات مجلس النواب التشريعية إذا حملت مصلحة باسيلية فهي شرعية وضرورية، فإلى متى الكيل بمكيالين؟

 

قد لا يريدون انتخاب رئيس حضرة النائب جبران باسيل، ولكن الشغور الرئاسي المتكرر والمتمادي لمصلحتكم هو من أعطاهم هذه الورقة لابتزاز المسيحيين عند كل استحقاق رئاسي، ولن تنفع التصريحات والندوات والتغريدات وتكبير الحجر وقول الشيء ونقيضه في منحكم براءة ذمة، وحالة النكران لا تنفي مسؤوليتكم، قد يسامحكم الله ويمنحكم المغفرة بعد شرطَي الإعتراف والتوبة، ولكن التاريخ لن يرحمكم".