تشير أوساط متابعة لمسار الأوضاع في لبنان والمنطقة إلى أن ملف لبنان أصبح مرتبطًا بالتسوية السياسية الكبرى ما بعد توقف الحرب على غزة. ولذلك، فإن أي جهود للبحث عن حل للأزمة اللبنانية لن تؤدي إلى نتيجة في الظرف الراهن، حيث ستبقى النتائج العسكرية هي الحاكمة، وستحدد معها الجهة أو القوى الأساسية التي ستكون لاعبًا رئيسيًا على الطاولة.


في المقابل، تبدو باريس معزولة عن أي دور جدي في الأحداث. ولا يتوقف أحد عند رأيها في أي شيء متصل بالتطورات الاقليمية المتفجرة. ولا تملك عمليًا أي أوراق يمكن أن تضغط بها لإحداث أي خرق. كل الأطراف في الداخل والإقليم وحتى القوى الدولية سوف تظل ممسكة بكل أوراقها الى حين انقشاع غبار المعركة المفتوحة على كافة الاحتمالات.

ووفقًا للمعلومات، بعد الموقف المتحيز لإسرائيل لن يتعامل “حزب الله” مع باريس كما قبل الحرب في غزة. وهذا ما سيكتشفه لودريان عند وصوله الى بيروت. كما سيسمع كلامًا مشابها من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي سيبلغه صراحة بان الدبلوماسية الفرنسية قد أطلقت النار على قدميها من خلال موقفها الصادم حيال عملية الابادة الاسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة. بمعنى آخر ستدفع باريس في بيروت ثمن موقفها من الحرب على غزة.

أما في لبنان، فإن النائب التغييري إبراهيم منينة يقول لـ”المركزية”: “الكلمة اليوم للميدان بإدراك الجميع في الداخل والخارج. مجمل حركة الموفدين الاميركيين والاوروبيين الى المنطقة ولبنان بما فيها زيارة الموفد الرئاسي اموس هوكشتاين تتمحور حول كيفية وقف الحرب على غزة وتجنيب لبنان الانجرار الى الحرب الشاملة التي تريدها اسرائيل وتحديدا رئيس وزرائها نتنياهو هربا من محاكمته سياسيا وعسكريا. وبالتالي فان الوضع العسكري يتقدم على اي كلام اخر. الجميع بانتظار ما ستسفر عنه المعركة وستؤول اليه المفاوضات التي ستعقبها. لبنان كان ولا يزال مرآة لما يجري في المنطقة. بديهي ان يكون الاستحقاق الرئاسي ارتبط بمستجداتها بمعنى ان لا رئيس للجمهورية قبل أن تظهر الصورة او المعالم الجديدة للاقليم التي بدورها ستحدد طبيعة رئيس الجمهورية ومستقبل لبنان ودوره. من هنا التركيز الخارجي على التطبيق الفعلي للقرار 1701 وتاليا حل موضوع السلاح قبل اجراء الاستحقاق الرئاسي لان دون ذلك لا جدوى من انتخاب رئيس للبلاد ولا قيامة لها”.

ويختم متخوفًا من انزلاق لبنان إلى الحرب الشاملة نتيجة استهداف اسرائيل لقيادات المقاومة واستمرار نتنياهو على رأس الحكومة الاسرائيلية.

في الختام، يمكن القول إن دور لبنان ورئيسه في المرحلة المقبلة سيتحددان بناءً على نتائج الحرب على غزة والتطورات السياسية والعسكرية التي ستعقبها. وفي ظل استمرار الأزمة السياسية في لبنان، يبدو أن أي حل للأزمة لن يكون ممكنًا قبل ترسيم ملامح جديدة للمنطقة، والتي ستحدد بدورها طبيعة النظام السياسي في لبنان والدور الذي سيلعبه رئيس الجمهورية المقبل.


المصدر : Transparency News