مع دخول العدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني شهره الرابع، بدأ بعض أبناء البلدات الحدودية في السعي إلى تعزيز صمودهم في أماكن النزوح. في الوقت المستقطع إلى حين العودة، افتتح أهالي القرى ممن لا يألفون البطالة والاعتماد على برامج الإغاثة، محال وبسطات في البلدات والمدن التي نزحوا إليها، وارتضى بعضهم أن يكون عاملاً يومياً بعدما كان رب عمل.


يروي عباس رحمة، وهو نازح من بلدة عيتا الشعب، قصته في بداية الحرب. يقول رحمة إنه نزح من بلدته مع عائلته في الشهر الأول من العدوان، واستقروا في البرج الشمالي. في البداية، كان ينتظر انتهاء الحرب ويعود إلى بلدته، لكن بعد شهرين من النزوح، فقد الأمل في ذلك. يقول رحمة: "خلصوا مصرياتي". لم يعتد الرجل أن يستدين أو يطلب مساعدة، وهو الذي يملك في بلدته متجرين للمواد الغذائية، ألحق القصف أضراراً بأحدهما.

في الشهرين الأولين، كان رحمة يتحين مراسم تشييع الشهداء، فيعود مع العائدين ويتفقّد أملاكه ويحمل ما تيسر من تموين من محله. قبل نحو شهر، أيقن أنّ انتظار العودة قد يطول، فقرر البحث عن مورد رزق بديل. يقول رحمة: "لا قدرة لي على استئجار محل أو شراء بضاعة لدكان سمانة".

اختار رحمة بيع الخضر على بسطة في الطريق المحاذي لموقع آثار البص في صور. يقول رحمة إن كثيرين من النازحين من أبناء بلدته أسسوا لموارد رزق بديلة. يقول: "غالبيتنا في حال لم نعمل، لا نأكل".

ويروي علي جمعة، وهو نازح من بنت جبيل، قصته أيضاً. يقول جمعة إنه نقل جزءاً من بضاعة محل الملبوسات الخاص به في سوق بنت جبيل إلى محل آخر تملكه العائلة في أطراف مدينة صور. يقول جمعة: "معتادون على التهجير وخبراء في التأقلم مع الأزمات".

ويشير جمعة إلى أن هناك مئات العائلات التي وزعت مصالحها بعد التحرير بين مسقط رأسها في البلدات المحررة وبين الأماكن التي هُجّروا إليها سابقاً. ويقول: "إذ قصد كثر منهم البلدات التي احتضنتهم في مدة الاحتلال".

يعكس سعي النازحين اللبنانيين في الجنوب إلى تعزيز صمودهم بالعمل، قدرة هؤلاء على التأقلم مع الأزمات ومواجهة التحديات. كما يؤكد على أهمية دور المجتمع المدني في دعم النازحين وتوفير سبل العيش الكريم لهم.


المصدر : Transparency News