سيدة صوما


يُشكل غياب لبنان عن مشروع خط السكك الحديدية والممر البحري الذي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، خسارة كبيرة للاقتصاد اللبناني والعلاقات الاقتصادية اللبنانية مع دول العالم. 


كان لبنان يملك في القرن التاسع عشر أهم محطات سكك الحديد في الشرق الأوسط، حيث كانت تربط بين دمشق والقدس وطرابلس. وتعدّ محطة طرابلس ورياق من أهم المحطات التي كانت موجودة في المنطقة.


فعلياً، لعبت محطة قطار طرابلس دورًا هامًا في تاريخ لبنان عمومًا وعاصمة الشمال خصوصًا، حيث ازدهرت الحركة التجارية، وكانت محطة لتلاقي العديد من الحضارات والشعوب العربية والأجنبية. ولكن منذ اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975، تحولت المحطة إلى ساحةٍ مهملة، بعد فشل الدولة اللبنانية في إعادة إحيائها، رغم بعض المحاولات الخجولة، إلّا أنّ القرار السياسي كان تأثيره أكبر!


وبدلاً من إعادة إحياء المحطة أو تحويلها إلى متحف أثري، تم تحويل أرض المحطة إلى مرآب لركن الشاحنات، مما يدل على أنّ الجهات المسؤولة لا تنوي الحفاظ على هذه المحطة التاريخية، بل تنوي تدميرها بشكل نهائي


ووفقًا لمعلومات "Transparency News"، فإنّ أحد النافذين حصل على عقد إيجار المحطة لتحويلها إلى موقف للشاحنات، وهو أمر يثير الاستياء بسبب احتوائها على أهم معلم أثري، البرج البحري المملوكي (برج السباع).

الشّهال تدمري: هناك جريمة ترتكب بحق مدينة طرابلس


في هذا السياق، استنكرت رئيسة جمعية تراث طرابلس، الدكتورة جمانة الشّهال تدمري، ما يحصل في محطة القطار في طرابلس ووصفتها بالجريمة. وقالت في حديثها لـ "Transparency News" إنّ تحويل أرض المحطة إلى مرآب للشاحنات  قرار مرفوض، ويتعين على الجهات المسؤولة في لبنان وقف هذه الأعمال وحماية محطة القطار، وغيرها من الآثار التاريخية والثقافية في المدينة."


واستغربت تصرّف المدير العام بأرض ملك للدولة تضم أهم شبكة للسكة الحديد وأبنية تراثية يعود بناؤها إلى أوائل القرن العشرين على الطراز الفرنسي. مذكرةً، بأن هذه المنشأة التراثية ليست كما يظن البعض أنّها منسية إذ هي مقصد للزوار، بعد أن أقامت فيها جمعية تراث طرابلس بالتعاون مع جمعية Train-Train أهم حدث ثقافي ضمن فعاليات " تراثي تراثك" وقد زار السكة أثناءها 22 ألف مواطن من داخل طرابلس وخارجها، والأهم أن هذا الحدث أعاد بالذاكرة حقبة تاريخية مجيدة من حياة أجدادنا الذين دفعوا من أموالهم أثماناً باهظة لبناء سكة حديد تصل بين أوروبا وحيفا في العهد العثماني.


وتابعت "كان لهذا الحدث الأثر الكبير حيث تم وضع المحطة على خريطة معرض   Orient Express  في العام 2015 وهو المعرض الذي نظمه معهد العالم العربي في باريس، وبفضل جهود جمعيتنا تمت المشاركة كل من طرابلس ورياق بينما نجد المعنيين اليوم وبدلًا من إيلاء هذه المحطة الاهتمام اللازم نراها تحولها إلى موقف للشاحنات، فأي سياسة هذه التي تتبع وبخاصة أننا على أبواب "طرابلس عاصمة للثقافة" التي من المفترض أن تظهر جمالية تراثها وأبعادها الثقافية، فإذا بنا أمام سياسات الهدم والتدمير أو التحول نحو مواقف تشوه كل المظاهر وتطيح بالأبنية والمكتنزات من قطارات على الفحم تعود لأوائل القرن الماضي نادرة ومهمة".


وسألت تدمري :"أليس في طرابلس مساحات شاسعة يمكن تحويلها إلى مواقف كما يريدون؟ بل تقع المحطة في محيط المحجر الصحي حيث المساحات والبراحات الخالية كثيرة، فلماذا محاولات طمس وتشويه جمالية مراكزنا الأثرية؟ وإلى متى يمكننا السكوت عن هذا الإجرام في حق طرابلس؟".


وأشارت في ختام حديثها إلى أنّ القرار مرفوض، مؤكدةً على أنّ مساعيها في سبيل إعادة إحياء تراث المدينة سيبقى في سلم أولوياتها، وستتصدى لأي مشروع تخريبي لا يراد منه سوى القضاء على ثروة المدينة."

 

نفاع: لإعادة إحياء مشروع سكة الحديد في طرابلس


من جهته أوضح رئيس جمعية " Train Train " الدكتور كارلوس نفاع، أنّ الجمعية قدمت عام 2019 مشروعًا لإعادة سكة الحديد إلى لبنان بهدف ربط الساحل اللبناني بالداخل والشمال والجنوب، إلاّ أن هذا المشروع لم يبصر النور، وجدّد مطالبته المسؤولين بضرورة بذل الجهود لإعادة إحياء مشروع سكة الحديد، وتحقيق الرؤية التي وضعتها الجمعية. كما طالب بضرورة حماية التراث التاريخي والثقافي في لبنان، بما في ذلك محطة قطار طرابلس، وتشجيع السلطات على استعادة دور لبنان كواجهة اقتصادية على الساحل الشرقي.

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News