حسين عطايا - كاتب وباحث سياسي .


ثمة حالة اغتباط وفرح عميمين تغنت بهما سلطات ما تبقى من الدولة اللبنانية وهما المجلس النيابي الاعرج الذي يتسلى بدراسة وتشريع بعض القوانين ، بينما دوره الاساسي هو الشروع بانتخاب رئيساً للجمهورية بعد فراغٍ في سدة الرئاسة زاد عن سنة وبعض الاشهر ، وحكومة تصريف الاعمال المنقسمة على ذاتها والتي تحاول ترقيع الاحداث والمستجدات، والتي تزداد حدتها صبيحة كل يوم ، والتي تزيد خطورتها عن قدرة هذه الحكومة على مواجهتها .


فبعد يومين من المبارزات الكلامية والمطولات من خُطبٍ رنانة تبارز فيها من يجب ان يكونوا مدافعين عن الجمهورية اللبنانية وشعبها اي من يجب ان يكونوا نواب الامة اللبنانية جمعاء وليس كما هو الحال مستخدمي الاحزاب والزعامات ، وبعض حديثي النعمة ممن جعلتهم الصدفة في ربيع العام ٢٠٢٢ نواباً .


فبعد تلك المبارزات الكلامية وبطولات تعديل بعض بنود الموازنة وتشذيبها لتصل الى ما وصلت عليه وتم تمرير إقرارها ، رغم انه ومن خلال المداخلات والمطولات الكلامية كان من الصعب ان تمر الموازنة ويتم إقرارها ، ولكن ولإن لغة التكاذب المشترك مابين القيادات والزعامات ومايُسمى كتل نيابية منها القوي وبعضها الاقوى تم تمريرها لان الكذب والخداع لغة مشتركة بين الجميع .


 هذا الامر والذي انتهى وفق ماهو مخطط له وروس تم تمرير تلك الموازنة ذات الثلاث مليارات ونيف والتي لم تحمل معها سوى توازن كاذب بين الايرادات والنفقات سيظهر فيما بعد بأنه خداع متفق عليه من الجميع ، ولعدم وجود اية بنود استثمارية يستطيع ان يؤسس لبناء اقتصاد متوازن يكون مدخلاً للخروج من الازمة التي يتخبط فيها لبنان منذ سنوات ، وبعد ان عرت انتفاضة ١٧ تشرين السلطة واظهرت عُريها وتصرفاتها المشينة ، والتي اودت بتعب اللبنانيين مقيمين ومغتربين  ، ونهبت اموالهم المودعة في المصارف المحلية والتي شكلت منهبة كُبرى لم يعرف مثلها أيٍ من الدول ، حتى تلك التي كانت تسمى فيما مضى جمهو ية الموز.


هذا ، عدا عن الضرائب والتي توزعت شمالاً ويميناً والتي شكلت حافزاً للكثير من قطاعات الانتاج في لبنان على اختلاف انواعها حتى موظفي القطاع العام على اختلاف تنوعهم والقطاعات التي يعملون فيها وبدأت تباشير الاضراب في الادارات العامة ولحق بها موظفي القضاء  ، وسيأتي فيما بعد دور القطاعات التجارية والصناعية وغيرها ممن سيتضرر حتماً من توزع الضرائب والذي اتى اعتباطياً ومن دون دراسة عميقة تستند الى قطع حساب لموازنة العام ٢٠٢٣ ، والذي اصبح من الاعمال الغير ضرورية في إقرار الموازنات للدولة العتيدة .


والسؤال الابرز هنا هل هذه الازمات  التي تعكسها فلسفة الموازنة التي تم تمريرها ولم تصدر بعد في الجريدة الرسمية بعد اسبوعٍ من إقرارها ستُثير موجة اعتراضات تبدأ خجولة لتُصبح عارمة تعم كل القطاعات والمناطق لتُشكل انتفاضة كبرى تُطيح ببقايا هذه السلطة والتي عفا عنها الزمن ، ام سيتصدر المشهد من يحاول الابقاء عليها لانها تُمثل مصالحه وتساهم في دور دويلته على حساب الدولة اللبنانية ؟؟؟!


المصدر : Transparency News