حسين عطايا - كاتب وباحث سياسي


ثمة مقولة يتغنى بها حزب الله ومحوره  ان حربه في الجنوب خففت عن المقاومة في غزة ، واجبرت سكان المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة الى النزوح ، وذلك يُرخي بثقله على حكومة العدو الاسرائيلي .

لكن ، ورغم صحة هذا الامر لكن هناك فارق كبير ، وكبير جداً بين ما  يلقاه نازحي المستوطنات الصهيونية من حكومتهم وبين ما يلقاه النازح الجنوبي المتروك لقدره ، وبالتالي لا حكومةً تسأل عنه ولاتعويضات تُرتجى في هذا الزمن الصعب الذي يعيشه نازحي الجنوب ، حيث لادولة تلتفت لهم ولاقوى سياسية تساعدهم بل كلٍ يساعد جماعته ، بينما السواد الاعظم من نازحي الجنوب والذي فاق عددهم الثمانين الف نازح  متروكون لقدرهم يواجهون ما يترتب عن مشكلات النزوح وفقدان مواسمهم وارزاقهم وابتعادهم عن قراهم وبلداتهم قسراً في حرب لاناقة لهم ولا جمل .

لاشك ان بعض النازحين والمواطنين الذين لا يزالون في قراهم لم يتمكنوا من جني بعض المحاصيل كالزيتون مثلاً ، والبعض الاخر فقد ما كان يملكه قبل حرب المشاغلة من مواشي ودواجن كمزارع الابقار والطيور والان في امس الحاجة لادنى مستويات المساعدة المفقودة من دولتهم ، سوى بعض ايادي الخير التي تمتد لبعضهم بين الحين والاخر ، بينما التابعين للثنائي تصلهم بعض المساعدات من تنظيماتهم دون الاخرين .

اما الذين دُمرت منازلهم وممتلكاتهم او الذين فقدوا بعض ابناء عائلاتهم من سيعوض عليهم ، ناهيك عن الخسائر المادية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة والتي عمت مناطق الجنوب اللبناني بعمق عشرات الكيلومترات فوصلت للنبطية شرقاً وصور ومنطقتها غرباً وهي تمثل ثُلثي محافظة مناطق الجنوب اللبناني ، فمن الذي سيعوض عليهم خسائرهم لاسيما ان تلك المناطق تُعاني بالاساس من سؤ الخدمات الحكومية ، واليوم تُعاني من النقص الفادح في السلع التي يحتاجها المواطنين في مناطقهم والنازحين ايضاً .

إذاً ، في بلادٍ تعيش الازمات على مدى سنوات من سوء الادارة وادوات الحكم والانقسامات السياسية ، عدا عن اقتصاد اصابه الانهيار ، وعن طبقة فاسدة نهبت المال العام ولم تقف عند هذا الحد بل امتدت اياديها الى تعب اللبنانيين مقيمين ومغتربين فنهبت ودائعهم في المصارف اللبنانية ولم تضع يوماً خطة او اية خارطة طريق للتعويض على المواطنين مما تم نهبه منهم ، فأتت حرب المشاغلة لتقضي على ماتبقى من مقومات صمود اللبنانيين عموماً وابناء الجنوب على وجه الخصوص ، فيما البعض يتغنى بالمقاومة والانتصارات الالهية بينما الشعب يُعاني الامرين في وطنٍ منهوب يتقاسمه زعماء السلطة السياسية من احزابٍ ومليشيات بقيت من زمن الحرب تعيث فساداً وتخرب وتقضي على ما تبقى  من مقومات عيش .

 

حرب المشاغلة لم تقدم شيء لقطاع غزة ، حيث لم يتبقى شيء دون ان يشمله الدمار في غزة عدا عن عشرات الالاف من الشهداء والمصابين من  المدنيين ، والباقين يُعانون المرض والجوع نتيجة شح المساعدات التي تُدخلها قوات الاحتلال ، ويزيد عن ذلك افتعال حرب لا قدرة للبنان وشعبه لاسيما ابناء الجنوب على خوصها في ظل وضعٍ إقتصادي مأزوم ومتردي ،  ولليوم لازالت فرص الحلول متوقفة بانتظار امرٍ خارجي متعلق في لعبة شد الحبال السياسية والمفاوضات بين ايران والولايات المتحدة ،المختلفتين على الحصص في المنطقة في ظل نظام عربي عاجز غير قادر على انتاج المواجهة والحلول في المنطقة ، وكل منهم مشغول بقضاياه بعضهم بتنميةٍ مزعومة وقضايا آنية لا اكثر .

إذن ، حرب المشاغلة ليس لها علاقة بلبنان ولا بقضية فلسطين او بقطاع غزة بل هي أمر إيراني يهدف الى تعزيز اوراقها التفاوضية على امن المنطقة ومساحات السيطرة لا اكثر.

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News