عطالله وهبي - كاتب ومحلل سياسي


بعد إسقاط طائرة الاستطلاع الأميركية الباهظة الثمن "آر-كيو-4" فوق مضيق هرمز من قبل الحرس الثوري الإيراني في عام ٢٠١٩، هدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالرد، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة ٦ في المئة توقعاً لضربة أميركية على السواحل الإيرانية في مضيق هرمز، لكن لم يحدث ذلك. فجاء الرد الأميركي في اللحظات الأخيرة من عهد ترامب في ٣ يناير ٢٠٢٠، حيث استهدُف قائد فيلق القدس قاسم سليماني والمهندس العسكري في مطار العراق عائدين من سوريا. ردت إيران باستهداف قاعدة عين الأسد في العراق، دون قتل أي جندي أميركي.


علمنا من خلال خطابات ترامب في حملته الانتخابية مؤخراً أنّ إيران قد أرسلت رسالة إلى البيت الأبيض بأنها ستستهدف عين الأسد بصواريخ دقيقة لن تؤدي إلى قتل أي جنود، وأنها مجبرة على الرد. وقال ترامب: "بينما كان جميع الأمنيين لحظة استهداف عين الأسد متوترين، كنت الشخص الوحيد المسترخي في الغرفة".


قنوات التواصل بين النظام الإيراني والأمريكي دائمة، وكما هو معروف فحدود العداوة معروفة، وكذلك حدود الصداقة، إذ ترى أميركا نفسها رائدة في هذا العالم!

يبدو لي أنّ هناك "قواعد اشتباك" واقعية وملموسة وحقيقية بين إيران وأميركا، تكمن في اتفاقيات تخادمية ضمنية.


برزت هذه القواعد بوضوح في أحداث "7 أكتوبر"، عندما نفت إيران بشدة أي تورط لها في عملية "طوفان الأقصى"، مما أكد وجود تلك القواعد.
بعد استهداف البرج ٢٢ في الأردن ومقتل ٣ جنود أميركيين، أعلنت إيران مجدداً براءتها من هذا الهجوم. وأكد تصرف الولايات المتحدة، التي اضطرت للرد مرتين، في البحر الأحمر ضد الحوثيين، وفي سوريا والعراق ضد مصادر التهديد المرتبطة بإيران، دون استهداف للبنى التحتية الرئيسية الإيرانية، وأهمها إبلاغ إيران بالأماكن المستهدفة مسبقاً ومنحها وقتاً كافياً لتقليل خسائرها وسحب قادتها الميدانيين.


يبدو أن هناك تفاهماً ضمنياً أو اتفاقاً غير مكتوب بين إيران والولايات المتحدة لإدارة حدود الصداقة والعداوة، مما يعزز الاستقرار والتوازن في المنطقة.

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News