في خطابه الأخير، عرض السيّد حسن نصرالله المزيد من الحجج و الأسباب للمعارك التي فتحها في الجنوب. هذا العرض المتكرِّر في كلّ خطاب يلقي الضوء على الموقف الصعب الذي يجد فيه حزب الله نفسه، و يكشف الفجوة المتنامية بين الحزب و الشعب اللبناني، مؤكِّداً على اختلاف الرؤى و الأهداف الوطنية بين الطرفين.


يحاول نصرالله التسويق في كلّ خطاب على أنّ المعارك مسألة وطنية تخدم مصلحة اللبنانيين جميعاً، لكن يبدو أنّ هذه الحجج لا تلقى صدىً واسعاً أو تأييداً، فاللبنانيون يرَوْن فيها محاولة لتعزيز أجندة إيرانية بدلاً من تلبية مصالح لبنان الحقيقيّة. على الرغم من تصاعد حدّة خطابه، يرى العديد من المراقبين أنّ تأكيدات نصرالله بمعرفته وحده ما يخدم مصلحة الشعب تُعدّ مجرّد محاولة لإقناعهم بقبول مشروع تدميري يرفضونه. وقد ترسّخت قناعة بين اللبنانيّين بأنّ الهدف الرئيسي لمعركته ينحصر في تأمين موطئ قدم لإيران ضمن التطوّرات الراهنة، معتبرين أنّ ما يُطرح عدا ذلك لا يتجاوز كونه خطابات فارغة. و إلّا كيف نفسّر أنّ أيّ اعتراض على قراراته تواجَه بتُهم الخيانة و توصيف الناس بتعابير مسيئة و تحليل دمهم.

هذا الوضع يُلقي الضوء على إهمال متزايد من قِبل حزب الله لمصالح اللبنانيين و أهدافهم الوطنية، مفضِّلاً تحقيق أجندات إقليمية. كما يعكس ضعف الاقتناع بالرؤية التي يعرضها نصرالله، ممّا يستدعي ضرورة إعادة تقييم كيفيّة نقل القرارات الاستراتيجيّة و السيطرة على السلاح إلى يد الدولة اللبنانية، الوصيّة الشرعيّة على مصالح شعبها.


المصدر : Transparency News