عماد حداد


نبدأ بالعام ٢٠٠٠ حين نجح الدكتور فارس سعيد بالانتخابات النيابية ليتخلّى الحظ عن لبنان في جميع الانتخابات النيابية بعد الانسحاب السوري من لبنان في العام ٢٠٠٥ ليحتفظ الدكتور سعيد بلقب النائب السابق حتى كتابة هذه السطور. ويتولى سعيد "لقاء سيدة الجبل" (لم ينجح حتى الآن في ترؤس كتلة نيابية) ومن هواياته الصيد والسير في الطبيعة (أحياناً عكس السير على قاعدة خالف فتُعرَف)، كما يهوى "التنقير والتنمير" على المسيحيين والهواية الأحب على قلبه التي تجمعه مع أصدقائه لعب الورق (٤٠٠ وليخا) ويُقال أنّه اضطر في إحدى المرات إلى نشر تغريدة إشادة برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قائلاً عنه "هيدا الشب مش قليل" بعد خسارته رهان على "دق ورق"، والجميع يعلم معنى إشادة مرشد المسيحيين بباسيل.
يُكثر الدكتور فارس سعيد بالكلام وينشط على مواقع التواصل الاجتماعي كمرشد للمسيحيين وغالباً ما يقع في مطبات بنتيجتها فيصيب عنوان المشاكل أي الإحتلال الإيراني ويخطئ في عنوان الحلول ويحمّلها للمسيحيين وخاصة شخصياتهم وقياداتهم وأحزابهم من دون أن ينجرف خلف المرشد الآخر في محور الممانعة في حملة التخوين ويكتفي بوصفهم بالإنفصاليين لمطالبة بعضهم بتغيير التركيبة الفاشلة وبعضهم الآخر بالفدرالية غافلاً الدكتور (البعض يقول جاهلاً ولا نوافقه، هي أقرب إلى زلّة لسان) عن أن سقف الطرحين هو وحدة الوطن وحرية أبنائه في عيش معتقداتهم وتنظيم حياتهم وشؤونهم وحتى مقاومتهم كما يشاؤون في بيئتهم وأحيائهم وقراهم وبلداتهم ومدنهم، والشرح يطول وجميعها تهدف لخير المواطن اللبناني تحت سقف الوحدة.
المسيحيون يا دكتور سعيد لم يبخلوا على لبنان الكبير بالفكرة والتأسيس والنشأة وإنهاء الإنتداب الفرنسي وإعلان الإستقلال والقبول بالدستور الذي تم التوافق عليه في اتفاق الطائف من أجل الوحدة ومن الظلم اتهامهم بالإنفصاليين لأن حريتهم تأبى الخضوع لأي احتلال وانتداب ووصاية منذ ما قبل العثمانيين إلى الفرنسيين ومن ثم الفلسطينيين والسوريين والإسرائيليين وحتى الإيرانيين اليوم، ولكن عدم الإعتراف بفشل التجارب وليس تجربة واحدة في المئوية الأولى يشكّل مكابرة وإبعاد الأصبع عن الجرح والتغاضي عن مكمن الداء وهذا لا يمكن أن يؤمّن العلاج والدواء والإكتفاء بإعطاء مسكنات بحسب وصفة الدكتور سعيد أدّى إلى تعدد الإحتلالات والإستعانة بخارج في مواجهة خارج آخر.
نحن نريد يا دكتور ما تريد وحزب الله يفعل ما يريد، يقول الأب ميشال حايك عن الموارنة أنهم "تقدميون جداً إذا اطمأنوا ورجعيون جداً إذا خافوا"، الجماعة المسيحية لا يمكنها العيش والعطاء والإرتقاء من دون رجاء الحرية، والشعب الذي لجأ أجداده إلى الجبال والمُغُر والمعتقلات من أجل حريته لا يمكن لومه حتى إذا طالب بالإنفصال فأين الجريمة إذا طالب بتركيبة أو فدرالية تمنحه حقوقه وحريته وتمنع عنه فرض معتقدات غريبة عنه، وأختم بسؤال للدكتور فارس سعيد، في حال تغيير التركيبة مع إعطاء أي مواطن الحق في العيش وفقاً للتركيبة التي تناسبه محتفظاً بهويته اللبنانية فأي تركيبة يختار، أي تركيبة تختار؟

 

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News