في تقييم معمّق للتوتّرات الحاليّة على الحدود الجنوبيّة للبنان، يلاحظ محلّل سياسي أنّ إسرائيل إستطاعت إسقاط حزب الله في فخّ إعلامي، بهدف كسب الرأي العام الدولي لصالحها، خصوصاً بشأن أوضاع المدنيين على طرفيّ الحدود. السياسة الإعلاميّة الإسرائيليّة تسعى جاهدةً لتشكيل دعم دولي يمكّن إسرائيل من توسيع عمليّاتها العسكرية ضدّ لبنان لحماية المستوطنين، متجاهلةً تهجيرها أهل الجنوب اللبناني. في المقابل، يظهر أنّ حزب الله يعزّز هذه الرواية الإسرائيليّة و يسوّق لتهجير سكّان الشمال متناسيا أهل الجنوب، مستخدماً إعلامه المحلّي لتقوية صورته كقوّة رادعة.


يتطرّق بالتحليل إلى تكتيكات إعلاميّة مختلفة استخدمتها و تستخدمها إسرائيل لكسب الدعم الدولي، إذ تسلّط الضوء على الأحداث التي تناسبها و تُعتّم على أحداث أُخرى، و مثال على ذلك:

أوّلاً، تسليطها الضوء و التضخيم الإعلامي بعد عمليّة السابع من أكتوبر بما يتعلّق بمناطق غلاف غزّة، حيث تمّ الترويج لفكرة التهجير و زيادة الأمان في تلك المناطق، بهدف تعبئة الرأي العام الدولي لدعم إسرائيل، و رأينا نتائج هذه الرواية على قطاع غزّة و الغزّاويين. من جهة أُخرى كان هناك تعتيم كامل لكل ما ارتُكب بحقّ المدنيين في غزّة.
ثانياً، تسليطها الضوء على تهجير سكّان المستوطنات و ضرورة ضمان أمنهم و تعتيمها على تهجير عدد كبير جداً من السكان في قرى جنوب لبنان، نتيجة لعمليّاتها العسكريّة في المنطقة. هذا الإجراء، الذي يُعتبر جزءاً من تدابير الأمن و الردع، يُمارس بحذر شديد لتجنب إثارة الرأي العام الدولي ضدّ إسرائيل.

التنفيذ المتوازي لهذه الاستراتيجية على جهتي الحدود، من تسليط الضوء على تهجير المستوطنات دون ذكر تهجير أهل الجنوب، و تطابق توجّهات حزب الله مع العدوّ الإسرائيلي على الروايتيْن بشكل موازٍ، لأسبابه الضيّقة و للحفاظ على صورته التي يسعى جاهداً للحفاظ عليها. هذا التصرّف من الحزب يعزّز موقف إسرائيل و أوقعه في الفخّ الإعلامي الذي نصبته.

يتابع المحلّل السياسي أنّ إسرائيل أمام خيارات استراتيجيّة بالغة الأهميّة، إمّا بتوسيع نطاق الحرب أو بتعزيز مطالبها لحماية مناطقها الشمالية بدعم دولي كامل، بينما يبدو أنّ حزب الله محصور في تنفيذ سياسات تقرّرها أجندات خارجية، على عكس الصورة التي يحاول تقديمها لبيئته. يحمل هذا التصرّف من الحزب في طيّاته مخاطر اندلاع نزاع أوسع قد ينتج عنه دمار هائل، خصوصاً في ظلّ الوضع الداخلي المتأزّم في لبنان و عدم القدرة على تحمّل نتائجه.

يُنهي المحلّل السياسي، بأنّ استراتيجيّة حزب الله قصيرة المدى و أوقعته في فخّ العدوّ. هذا النهج يشير إلى ميل الحزب لاستغلال أيّ حادثة كفرصة لإعلان النصر، دون التفكير بعواقب البروباغندا الإسرائيليّة على الأمن و الاستقرار في المنطقة.


المصدر : Transparency News