يُثير الذكاء الاصطناعي نقاشاتٍ حامية الوطيس حول تأثيراته على المستقبل. يشعر البعض بالقلق من إمكانية استبداله للعمال في ظل صعوبة الحصول على وظائف، بينما يرى آخرون تهديدًا لمستقبل الإبداع مع ازدياد انتشار الأعمال الفنية التي ينتجها الذكاء الاصطناعي.


ولكن، من المهم تذكر أن الذكاء الاصطناعي مجرد أداة بيد الإنسان. إنه محايد بطبيعته، ويقوم بمعالجة المعلومات بناءً على منطق محدد ليقدم للمستخدمين حقائق موضوعية. لذلك، فإن فكرة خروجه عن السيطرة ليست واقعية، بل هي من نسج الخيال العلمي.

في هذا السياق، ظهرت أخبار مثيرة للاهتمام حول روبوت الدردشة "تشات جي بي تي" من شركة "أوبن أي آي". ففي الفترة الأخيرة، واجه "تشات جي بي تي" ما يشبه أزمة منتصف العمر، حيث بدأ يعطي المستخدمين إجابات غريبة لا معنى لها حتى على أبسط الأسئلة.

وعلى الرغم من أن "أوبن أي آي" لم تقدم تفسيرًا واضحًا لهذه الظاهرة، إلا أن بعض الناس يعتقدون أن السبب يعود إلى تحديد معايير إبداع عالية جدًا لـ "تشات جي بي تي". وهذا ما جعله يميل إلى إعطاء إجابات أقل تركيزًا ووضوحًا.

في الواقع، تُعد هذه النتيجة من أكثر النتائج إثارة للاهتمام التي رأيتها من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي حتى الآن. فبعض الإجابات التي نشرها المستخدمون على موقع "ريديت" تُظهر ذكاءً اصطناعيًا متقدمًا، حيث تتنقل بين اللغات بطريقة مشابهة لأعمال الشاعر إيزرا باوند، أو تُشبه أسلوب الكاتبة غيرتروود شتاين في كتابها "تندر باتونز".

وهذا يدفعنا للتساؤل: هل تُعكس هذه الإجابات خللًا في نظامنا التعليمي، أم تدل على إبداع حقيقي من قبل الذكاء الاصطناعي؟

في المقابل، أطلق إيلون ماسك روبوت دردشة يُدعى "غروك" Grok، يُفترض أنه يُجيب على الأسئلة بطريقة مشابهة لـ "تشات جي بي تي" لكن بنبرة حوارية أكثر. ولكن، النتيجة تشبه إلى حد كبير ما يصدر عن رجل في الخمسينيات من عمره يحاول تقليد أسلوب الكاتب والمخرج جوس وهدون، ما يُثير شعورًا بالكراهية تجاه الآلة.

بالمقارنة، فإن ما يحدث مع "تشات جي بي تي" يُعطي شعورًا أكثر إنسانية. فهذه الإجابات تُشبه تيار الوعي، وتشير إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على إعطاء فكر إنساني أكثر من أي تقنية أخرى تعاملتُ معها حتى الآن.

بطبيعة الحال، لا يُمثل "تشات جي بي تي" إنسانًا حقيقيًا، بل هو مجرد منشئ نصوص متقدم يعمل بأسلوب التوقع. ولكن، في الوقت نفسه، فإن هذا الهذيان المتوهم يُثير الفضول أكثر من أي فيديو ممل عن المناظر الطبيعية أو النسخ المقلدة لأفلام "بيكسار".

في النهاية، تُعد تقنيات الذكاء الاصطناعي أداة قوية بيد الإنسان، ولدى الإنسان حرية استخدامها بشكل إبداعي أو تدميري. لذلك، من المهم معرفة إمكانيات هذه التقنيات واستخدمها بمسؤولية لخدمة الإنسانية.


المصدر : وكالات