افتتح اليوم منتدى العدالة في بيروت بمشاركة واسعة من القضاة والمحامين والحقوقيين والسياسيين. يهدف المنتدى إلى مناقشة التحديات التي تواجه السلطة القضائية والمؤسسات القضائية في لبنان. وأكد رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان على مسؤولية اللبنانيين في تعزيز القضاء وتفعيله، مشدداً على ضرورة تنقية صفوف القضاء من "الزعران".


وجاء في كلمة عدوان خلال "منتدى العدالة":
ينطلق اليوم منتدى العدالة ليتناول التحديات التي تواجه السلطة القضائية والمؤسسات القضائية ومختلف محاورها.
قبل أن أدخل في صلب الموضوع أتوقف عند أمرين، الأول مع شكرنا الأمم المتحدة للإنماء والاتحاد الاوروبي لتنظيمهم هذا المنتدى، إنما يجب أن نعلم أن هذه مسؤوليتنا أولاً واخيرا كلبنانيين أن نقوم بما يجب أن نقوم به لتعزيز القضاء وتفعيله، والمسؤولية الكبرى تبقى على عاتقنا.
الأمر الثاني، نخطئ إن صورنا أن هناك معركة بين السياسيين والقضاة، بل هناك معركة بين السياسيين الشرفاء "الأوادم" وبين السياسيين "الزعران"، ومعركة أخرى بين القضاة الأوادم والقضاة الزعران، لأنه في السياسة وفي القضاء هناك أوادم وزعران وحدث ولا حرج.
لذلك بأن نصور الأمور دائما بأن هناك سياسيين لا يريدون إعطاءنا استقلالية القضاء وأنه إذا اعطينا استقلالية القضاء فستحصل العجائب، فهذا الأمر غير صحيح، فهناك مسؤولية على القضاة بأن يقوموا بدورهم وبتنقية صفوفهم، وهذا لا يحصل.
التحديات التي نواجهها اليوم تفاقمت كثيراً لسببين، الأول اهتراء الدولة تفككها وانحلالها، ففي المؤسسات بدأ من رئيس الجمهورية والفراغ، إلى حكومة تصريف أعمال التي لا يمكن أن تقوم بتعيينات... كل هذا يؤثر على الأداء القضائي، لا سيما أن هناك مراكز أساسية بالقضاء شاغرة من دونها لا يمكن أن يستمر المرفق القضائي.
ماذا يمنع مجلس القضاء ووزير العدل أن يقوموا بانتدابات بدءً من التفتيش، وكيف يمكننا من الأن أن نسير المرفق القضائي، ولا يوجد على رأس التفتيش قاضي؟ 
مجلس القضاء، ربما يعض أعضائه مرتبطين بمن دعمهم ليصبحوا في مجلس قضاء؟ لكن لا شيء يمنعهم اليوم من أن يحزموا أمرهم لنقوم بهذه الانتدابات حتى نسير أمور القضاء.
التحدي الثاني الذي نواجهه هي الظروف الاقتصادية واللوجستية المتردية، فلا قصور العدل وضعها جيد ولا رواتب القضاة ولا المساعدين القضائيين مؤمنة بالحد المطلوب، هذه أمور بديهية أولية ولا يجب أن ننتظر أي قانون حتى نقوم بها. 
طبعاً نحن على عجلة لإقرار قانون استقلالية القضاء إنما لحينها لنقم بانتدابات حتى نسير أمور هذا المرفق ولنؤكد الأمور اللوجيستية رأفة بالناس والمواطنين.
أما فيما يتعلق بالمحاور المتعلقة باستقلالية القضاء.
البعض في لبنان ذاكرتهم قصيرة، ونذكرهم بأن هذا القانون أقر في لجنة الإدارة والعدل بتاريخ 18/11/2021 وقد مر منذ حينها أكثر من ثلاث سنوات على ارساله للهيئة العامة، أول مرة استرده وزير العدل درسه وأعاده للجنة وبعدها بقي 3 أشهر فقط لدرس ملاحظات الوزير تم إقراره من جديد وأرسلناه للهيئة العامة، قبل أن يسترده مجددا رئيس الحكومة... ومن حينها لا نعلم أين هو.
لذلك قانون استقلالية القضاء والذي أقر في اللجنة عملت عليه مجموعة من القضاء، عملوا معنا بقرار منهم، ليلا نهارا وبعز انتشار فيروس كورونا، أعطوا وقتهم، وكذلك نقيبي المحامين في بيروت وطرابلس، وكذلك عمل مجلس القضاء على إبداء ملاحظات متعددة، القانون خرج بناء على كل هذا.
وحتى عندما أعيد للجنة جلسنا مع الـ commission de Venise   حتى نأخذ ملاحظاتها بعين الاعتبار ان وجدت وعدلنا ما يجب تعديله
بعد كل هذا العمل ألم يحن الوقت بعد لإقرار هذا القانون؟ وهو قد عالج كل المشاكل التي يعيشها المواطن والقاضي والسلطات وهو ليس نتاج عمل شخص أو فريق، بل شراكة بين كل من عمل عليه. 
نحن سنستمر بضغطنا حتى بأقرب وقت تعيده الحكومة ونقره في الهيئة العامة.
بالتوازني ندرس قانون استقلالية القضاء الإداري، الي أعده بجهد كبير الرئيس فادي الياس وناقشه مع مجموعة من الحقوقيين والان نعمل عليه بالسرعة المطلوبة ونأمل أن نقره بسرعة.
والقانون الثالث يتعلق بالمحكمة العسكرية وما أدراكم ما المحكمة العسكرية، كذلك نعمل على درسه بالسرعة الممكنة.
ونحن نتمنى أن تشكل هذه القوانين الثلاثة العمود الفقري حتى ننطلق من ناحية القوانين.
إنما لا تنتظروا إن أقرت هذه القوانين أن نستفيق يوماً وتكون كل الأمور تسير بالشكل المطلوب.
فأكبر جريمتين حصلت في تاريخ لبنان الحديث، أي انفجار المرفأ وجريمة العصر المالية والاستيلاء على أموال المودعين، لم تحصل فيهما أي توقيف لمسؤول واحد من قبل أي قاضي، فهل سيأتي قانون استقلالية القضاء ليغير الممارسة القضائية هذه؟ هذا غير صحيح.
فإن لم يقم القضاء "بجردة داخلية" واتخذ تدابير جدية، فكل القوانين ستذهب عبثاً وسداً.
ونحن نضع أنفسنا بتصرف التفتيش حتى أعطيه الملفات عن القضاة الذين استفادوا من قروض الدعم وغيرها وغيرها.
 
في موضوع تقرير ألفاريز، خضنا معركة في المجلس حتى ترفع السرية المصرفية وكل التفاصيل موجودة بالتقرير والأدلة موجودة... فأي خطوة اتخذت في القضاء بهذا الإطار؟ فهل هذا كان يحتاج قانون استقلالية قضاء؟ لا بل يحتاج الى عدد قليل من القضاة حتى يغيروا كل ما يجري في لبنان.
نتوجه لرئيس مجلس القضاء ولرئيس مجلس الشورى، وأتمنى عليهما أن يطلقا المعركة القضائية التي لا تحتاج قانونا حتى تزيل الشوائب الموجودة في الجسم القضائي، وهذه المعركة لن يساعدنا فيها أحد، بل علينا ان نخوضها نحن كلبنانيين، وعلى كل شخص منا أن يخوض هذه المًعركة.

لنخوض معركة استعادة الثقة بالقضاء لاستعادة الثقة ببلدنا لان من دونها لن يكون لدينا وطن تحكمه دولة، بل ستكون هناك دوليات كل واحدة تكبر لتصبح أكبر من الدولة، ولا يمكن أن يحصل لدينا نمو واقتصاد في وطن يبقى أبناؤه داخله... كل هذا من دون قضاء لن يصطلح، وأي بناء لمستقبل كما نطمح اليه سيحتاج إلى معركتين: الأولى في القضاء والثانية في السياسة. ونحن مستعدون تماماً لنخوص المعركة السياسية، وعليكم كقضاة ان تخوضواً معركة القضاء.


المصدر : Transparency News