حسين عطايا - كاتب وباحث سياسي


تكتسب زيارة كبير المستشارين لشؤون أمن الطاقة العالمي في البيت الأبيض، آموس هوكستين، أهمية كبيرة في هذا التوقيت بالذات، خصوصاً مع تصاعد الأحداث العسكرية التي قلبت الكثير من الموازين على جبهة حرب المشاغلة في الجنوب، لصالح إسرائيل، وما تقوم به من استهداف لقادة وكوادر حزب الله الميدانيين. كما تأتي هذه الزيارة في سياق التهديدات العالية المستمرة التي تتسرب من وسائل الإعلام الصهيونية واللقاءات، وقد وصلت أصداؤها إلى لبنان عبر بعض المرسلين الدبلوماسيين، أو عبر رسائل وصلت إلى حكومة تصريف الأعمال، أو ما يسمى في لبنان بحكومة حزب الله. 
كل هذه الأحداث دفعت الوسيط الأمريكي إلى القيام بالزيارة وأخذ بعض المواعيد التي ستتضمنها، مثل لقاءات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله أبو حبيب، وبعدها يلتقي قائد الجيش العماد جوزيف عون بعد وصوله من زيارة لإيطاليا.

في هذا الوقت، تقوم قوات العدو الصهيوني بتصعيد كبير من خلال عمليات قصف مُنظّمة تستهدف تدمير أكبر قدر ممكن من القرى الحدودية، بهدف خلق واقع أمني جديد يجعل هذه القرى والبلدات غير صالحة للسكن، مما يمنع أهاليها من العودة إليها بعد الثامن من تشرين الأول (أكتوبر)، مما يساهم في خلق حزام أمني خالٍ من السكان باستثناء مقاتلي حزب الله، وهو ما يمنح القوات الإسرائيلية ميزة في التحكم بهذه المناطق والاستفراد بهم.
لذلك، تأتي زيارة هوكستين في ظل المعلومات المتسربة من عواصم المفاوضات، التي تشير إلى استعداد لإبرام هدنة إنسانية في غزة لفترة معينة، مما يتيح له فرصة لطرح مقترحاته لوقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية والسعي لتثبيته، وبالتالي تجنب عودة التصعيد والقتال في حال تجدد الأوضاع في قطاع غزة.
وتأتي هذه الزيارة أيضًا استناداً إلى ما تبلغه سابقاً، ويعتبر حزب الله والحكومة اللبنانية متفاهمين عليه، خصوصاً فيما يتعلق بالنقاط الست التي لا تزال عالقة بعد أن توصلت الاجتماعات التي عُقدت في مقر القوات الدولية في الناقورة إلى حلحلة في سبع منها.
تستمر الزيارة ليوم واحد فقط، بعدها يغادر هوكستين إلى تل أبيب مساء اليوم أو صباح الغد، بعد التوصل إلى بعض النقاط المهمة التي يرغب في حسمها، خاصة مع تصاعد التوتر الإسرائيلي جنوباً، مما يُشعر حزب الله والحكومة اللبنانية بالقلق. ويعتبر ذلك فرصة لهوكستين للتواصل والحصول على إجابات، وإن كانت غالباً ما تكون غامضة في بعض الأحيان، إلا أنها تلبي الحاجة إلى إنجاح مهمته في كبح التصعيد ومنع مغامرة من قِبل أي طرف من طرفي الحرب، لتجنيب لبنان الدمار الذي ينتظره في حال اندلاع حرب شاملة. حيث لا يستطيع حزب الله تحمل نتائجها على لبنان وبيئته، وقد بدأت أصوات الاعتراض تتعالى جنوباً نتيجة للخسائر الكبيرة، فكيف إذا اندلعت حرب شاملة؟
بالتالي، قد تساهم هذه الزيارة في نجاح مهمة الوسيط الأمريكي وتجنيب لبنان آثار التدمير الشامل، وكذلك في وقف سلسلة التدمير المُمنهج في المناطق الحدودية الجنوبية.

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News