محمد العروقي


مرت أوكرانيا بالشتاء الثالث خلال الحرب التي تشنها على البلاد. وخلال هذا الوقت، تعرضت لخسائر مؤلمة، لكنها حققت أيضًا انتصارات رائعة. فقد سجّلت القوات المسلحة الأوكرانية رقمًا قياسيًا في إسقاط الطائرات الروسية. حيث دمرت في الشهر الماضي وحده، 13 طائرة روسية، معظمها من القاذفات المقاتلة الحديثة من طراز Su-34 (11 طائرة)، والتي يمكن أن تصل تكلفة كل منها إلى 50 مليون دولار. كما خسر الاتحاد الروسي خلال فصل الشتاء طائرتين، إحداها طائرة كشف ومراقبة رادارية بعيدة المدى من طراز A-5، والتي يمتلك الطيران الروسي أعدادًا قليلة منها.
وبالنسبة لأوكرانيا، فإن هذه النتائج تُعتبر خطيرة وتشكل ضغطًا نفسيًا على روسيا، حيث سيكون الطيارون الروس حذرين، بل وربما يرفضون تنفيذ المهام الموكلة إليهم والتي تتمثل في تدمير المدن الأوكرانية وقصف السكان المدنيين. كما يُعتبر الإسقاط الجماعي للطائرات الروسية في فبراير 2024 ردًّا من قوات الدفاع الأوكرانية على الوجود المتزايد للطيران الروسي في شرق أوكرانيا.
ومنذ بداية العام، أسقطت القوات المسلحة الأوكرانية عددًا من طائرات Su-34 الروسية يفوق ما أسقطته القوات الجوية الروسية في عام 2022 (10) أو في عام 2023 (6). حتى الآن، لا يزال حوالي 80 طائرة من طراز Su-34 ذات قدرة قتالية تحت تصرف القوات الجوية الروسية. وعمليًا، يتم استخدام جميع طائرات Su-34 لتوجيه ضربات الدفاع الجوي لتدمير أكبر عدد ممكن من المباني. 
ومنذ بداية شهر مارس، نشر الروس 60 طائرة من طراز Su-34. أي أن الجزء الأكبر من الطائرات الروسية يستخدم اليوم في الأعمال العدائية ضد أوكرانيا.
بالإضافة إلى ذلك، صدّت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية أكبر هجوم صاروخي مشترك على الإطلاق، تم تنفيذه باستخدام أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت. 
نجح الأوكرانيون في إفشال "مهارة" الروس باستخدام صواريخ "كنجال" و"الزركون" التي تم إطلاقها من القاذفات الروسية، واليوم، تمتلك القوات الجوية الأوكرانية حوالي ست وحدات دفاع جوي تحت تصرفها، من طراز C-200 وS-300  السوفييتي القديم إلى طراز باتريوت الجديد، الذي يمكنه أداء مهام تسوية التهديد الروسي في الجو، لكن ترسانة الأسلحة هذه تحتاج إلى زيادة نوعيًا وكميًا. كما أن التدمير الهائل للطائرات الروسية يجعل من الممكن كبح الهجوم الروسي بشكل كبير والقضاء تدريجيًا على التفوق الروسي في الجو.
ونتيجة التصديات الأوكرانية الناجحة، أوقفت القوات الجوية الروسية رحلات طائرات كشف الرادار بعيدة المدى من طراز A-50 بعد أن أسقطت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية الطائرة الثانية من نوعها في 23 فبراير. وفي الوقت نفسه، تحاول القوات الروسية استعادة انعدام التفوق الجوي لدعم التقدم التكتيكي للقوات الروسية على كامل الجبهة. ولا يزال الجيش الروسي يواصل عملياته الهجومية بدعم جوي، رغم مخاطر خسارة المزيد من الطائرات. ومع توفير الغرب المزيد من وسائل الدفاع الجوي والطيران لأوكرانيا، ستضطر روسيا إلى الحد قدر الإمكان من استخدام الضربات الجوية لدعم قواتها وتدمير المراكز السكانية في أوكرانيا.

 

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )