كتب وائل الزين


على الرغم من الإصرار الذي يظهره حزب الله على قوّته و جهوزيّته لمواجهة العدوان الإسرائيلي، فإنّ هذا النهج يحمل في طيّاته تبعات عميقة تؤثّر سلباً على مستقبل لبنان. تركيز الحزب المفرط على الأسلوب العسكري يغطّي الحاجة الماسّة للبحث عن حلول شاملة تضمن الأمن و الاستقرار بطرق تُعزِّز الوحدة و التنمية الاقتصادية.

 

الاستثمار في القدرات العسكرية و الدعوات المستمرّة للتأهُّب القتالي تؤدّي إلى الشعور الدائم بالتوتّر في المجتمع، و هو ما يضرّ بجاذبيّة لبنان للاستثمارات الأجنبيّة و يُثقل كاهل اقتصاده المترنّح بالفعل تحت وطأة أزمات ماليّة و اجتماعيّة عديدة. من الضروري الإقرار بأنّ الاستقرار و النموّ الاقتصادي يحتاجان إلى بيئةٍ سلميّة تشجّع على الابتكار و الاستثمار، و التي تتطلّب بدورها توجّهات سياسيّة تُعزِّز الحوار و التعاون الإقليمي و الدولي.

 

بالإضافة إلى ذلك، الإصرار على الخطاب القتالي يمكن أن يصرف الانتباه عن القضايا الداخليّة المُلحّة مثل الحاجة إلى إصلاحات سياسيّة و اقتصادية تعالج الفساد، تُحسّن الخدمات العامة، و تضمن العدالة الاجتماعية لجميع اللبنانيين. الحلول المستدامة للتحدّيات التي تواجه لبنان تكمن في تعزيز مؤسّساته الديمقراطية و تحقيق التنمية الشاملة، و ليس فقط في الاعتماد على قوّة عسكريّة خارج إطار الجيش الوطني.

 

في هذا السياق، من الضروري التأكيد على أهميّة تبنّي نهج متعدِّد الأبعاد يجمع بين الحفاظ على السلام من خلال الدبلوماسية، و يشجّع على الحوار كأساس لحلّ النزاعات. لبنان، بتاريخه الغني و تنوُّعه الثقافي، لديه القدرة على أن يكون نموذجاً للتعايش و الازدهار في المنطقة، لكن ذلك يتطلّب توجّهاً استراتيجيّاً وطنيّاً يعالج الأسباب الجذرية للتوتّرات و يضع الاقتصاد و التنمية البشرية في قلب سياساته.


المصدر : Transparency News