معتز خليل


منذ العام 2006، لم تشن إسرائيل ولبنان أي حرب على الطرف الآخر، وهو أمر جاء لعدة اعتبارات منها : 
١-معاناة لبنان بسبب هذه الجولة التي شاهدها وأطلع عليها العالم. 
٢-وجود أصوات لبنانية تنادي بعدم الدخول أو خوض أي حروب الآن.
٣-اعتراف الكثير من الدوائر اللبنانية بصعوبة الوضع الاقتصادي في البلاد، الأمر الذي سيجعل من خوض الحرب الآن أمرا صعبا للغاية. 
٤- معاناة لبنان بسبب تداعيات فيروس كورونا تحديدا والذي أثر على الوضع الاقتصادي بالبلاد ، مثلما أثر على الكثير من دول العالم.
٥-الجميع يعلم تداعيات انفجار مرفأ بيروت، وهي التداعيات التي تنوعت بين التأثير على الوضع الاقتصادي برمته فضلا عما كان لهذه العملية من تداعيات سياسية.
ويشير تحليل مضمون بعض التقارير السياسية والدولية المتعلقة بلبنان إلى أنّ موجة الحروب التي خاضها لبنان خلفت دماراً كبيراً يحاول مواطنوه حتى الآن التعافي منها. 
وتشير الكثير من التحليلات السياسية العامة إلى أنّ الشعب اللبناني حاليا لا يرغب وغير مستعد في خوض حرب أخرى ضد أي طرف، واليوم تخرج أصوات كثيرة تقول إنه يجب تجنب بدء عملية عسكرية يمكن أن تجلب كارثة له ولشعبه.
غير أن هناك الكثير من الحقائق على أرض الواقع يجب الالتفات إليها وهي: 
١-أن لبنان بالفعل يتعرض لهجوم من الاحتلال، وهو الهجوم الذي يتنوع بين الهجوم الجوي والضربات الأخرى، الأمر الذي يزيد من حساسية المشهد العسكري في منطقة الجنوب.
٢-تتحلى القيادة العسكرية اللبنانية بالمسؤولية حاليا في ظل هذه التطورات خاصة وأنّ التصعيد الحالي محدود ولا يتسم بما حصل في الحرب الواسعة العام 2006.
٣-هناك اتفاق على عدم التصعيد في ظل الحرب المشتعلة في قطاع غزة حاليا، وهي الحرب التي لن تهدأ بسهولة خاصة مع إعلان نتنياهو يوم الإثنين عن نجاح إسرائيل في اغتيال القيادي رقم ٤ في حركة حماس، والمقصود هنا بالطبع مروان عيسى القيادي العسكري في الحركة. 
٤-يتمتع المقاتل اللبناني ببأس شديد، وهو البأس الذي يتذكره الإسرائيليون جيدا منذ التصعيد مع حزب الله الذي أذاق إسرائيل الأمرّين، إلاّ أنّ الوضع العام حاليا وحساسية الموقف الاستراتيجي يفرضان ما يمكن وصفه بعدم رغبة جهات لبنانية كثيرة في التصعيد الآن. 
غير أن الصبر اللبناني بالتأكيد له حدود، ولبنان رقم صعب وليس بالعين، خاصة في ظل استفزازات إسرائيل المتواصلة.
ومع كل ما سبق فإن هناك جنونا في إسرائيل، وهو الجنون الذي يفجر بركانا تتخوف جهات كثيرة في لبنان من أن تصل إليها حممه، وبات هذا واضحا مع يوم الإثنين، خاصة عقب تكرار حديث نتنياهو عما يسميه بالانتصار في غزة وهو ما أتى عقب تسريبات أمنية نشرها موقع سكاي نيوز أخيرا يقول إنّ عملية طوفان الأقصى التي حصلت في السابع من أكتوبر الماضي كانت سرية تماما، ولم يعلم بها إلا: يحيى السنوار وشقيقه محمد السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى.
وفي الوقت عينه وقعت بعضا من الضربات الجوية الإسرائيلية في مواقع لبنانية،  من هنا بات واضحًا أنّ قطاع غزة والمنطقة بما فيها لبنان عمومًا لن تشهد أي هدوء حاليا، خاصة مع إعلان نتنياهو في حديثه مع مؤسسة بوليتيكو الإعلامية أخيرا نيته الدخول في حرب بمدينه رفح، رغم ما تمثله هذه المدينة من خطورة على المصريين، الأمر الذي يزيد من دقة المشهد السياسي الآن. 
عموما إنّ التطورات الحالية، فضلا عن دخول الحوثيين في الأزمة الحالية يزيد من الضغوط الاستراتيجية على لبنان للدخول في هذه الحرب، إلاّ أنّ الواقع الاستراتيجي الحالي يشير إلى استمرار الضغوط القوية على لبنان، وهي نفس الضغوط أيضا المفروضة على مصر والكثير من الدول العربية مع جنون الحرب في غزة، الأمر الذي يزيد من دقة المشهد الحالي، وصعوبة التوقع بما هو آتٍ في المستقبل.

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News