اليوم حزب الله يسيطر على مكامن البلد أجمع و توقيفه عند حدّه لا يكون بالحرب بل بالسياسة التي فقدناها مع فقدان رجالاتها.


اليوم الشعب التبعي الذي يقول زعيمي على حقّ وأنا معه مهما قال و أيّ كان الذي سيقوله هو شعب "عبد" و ليس شعب حرّ و لن يكون حرّ يوماً و الأحرار القلائل يدفعون ثمن أغلاط العاميّة و الشعبوية الساحقة.
هكذا يحكم الطغاة و الفاشلين و الأنكى أنهم يقنعون جماهيرهم بخطابات رنّانة دون فعاليّة و لا يزالون يمارسون معهم الحيَل التي قال عنها "غوستاف لو بون" سنة ١٨٩٥ في كتابه الرائع "سيكولوجيّة الجميع" 

اليوم نمشي بجنازة الحريّة و بعد أنّ دفنّا السيادة و لم نذق طعم إستقلالاً كان بين أيادينا و فقدناه.

لو قُدِّر لبعض الشهداء أن يعودوا إلى الحياة لقاتلوا من ماتوا لأجلهم.

ثورة الأرز و ١٤ آذار هي ثورة شعب لبنان

- الذي نادى بلبنان أولاً
- وبسيادة وحرية لبنان
- وبسحب السلاح غير الشرعي للميليشيات
- وبتحرير لبنان من الإحتلال السوري ومحاسبته والتعامل معه من دولة حرّة إلى دولة حرّة

هي ثورتنا وقضيتنا وإيماننا
وما وقفنا في وجهه هو خيانة من سمّوا أنفسهم "زعماء ١٤ آذار" لهذه المبادئ

ومن يسمّي نفسه اليوم وطني وثوري ويقول بأنه لا مع ١٤ ولا مع ٨ هو إما جاهل أو منافق أو الإثنين معاً

لذلك هذا التاريخ لا نزال نقول عنه "ملح الوطن" فكما الأكل لا يكمل دون الملح كذلك الوطن لا يكمل دون وحدة شعبه و هذه الوحدة هي اللّوحة التي لا تزال في ذاكرة كلّ لبناني وطني حرّ ولا يزال هذا التاريخ "حلم الأجيال" التي وقفت في صفوف متراصة و أقسمت مع جبران "أن نبقى موحّدين … دفاعاً عن لبنان العظيم"

هذا في الشق العاطفي و في الحنين أمّا بالواقع فنحن لم نحافظ على تلك اللحظة و لا نزال نفتش عن السيادة والحريّة والإستقلال، أمّا بالنسبة للحقيقة… حقيقة إغتيال العصر التي ظهرت حقيقتها رغم كلّ المحاولات لطمسها و هذا الأسبوع بعد أن بلغت هذه الجريمة سن الرشد ها هي المحكمة الدولية تطلب من الأنتربول جلب المجرمين للعدالة و كم طالبنا بالعدالة خلال ١٨ سنة.

اليوم أيضاً نسمع مطالبات فرنسا بالعدالة لشهدائها في إنفجار بيروت ١٩٨٣ هذا يعني شيء واحد "ما من حق يموت و خلفه من يطالب به" 

هذا درس لنا أن نكثف مطالباتنا و نتابع موضوع المحكمة الدولية حتى النهاية بالتوازي مع تدويل القرارات الدولية ١٥٥٩، ١٦٨٠، ١٧٠١ و مؤخراً ٢٦٥٠ 
و المطالبة المفروض أن تكون من الشعب و ليس من السلطة فإنتظار السلطة هو مطابقة لنظرية ملئ السلّة بالمياه، هذه السلطة التي باعت أكثر من  ١٤٣٠ كيلومتر مربّع من المساحة البحرية المملوءة نفط و غاز لا يمكن أن نستبشر منها أي خير لشعبها الذي يرزح تحت نير الإحتلال الإيراني و تحت نير الجوع اليوم و إنقطاع الخبز و الدواء العادي غير المدعوم كما أدوية السرطان و غيرها…

هذه السلطة التي قتلت حافلة من شهداء ١٤ آذار تكمل تقتل اليوم و كل يوم شعبها بعد أن نقلته من إحتلال سوري إلى إحتلال إيراني قضى على القلّة المتبقيّة و بعد أن كنّا مستشفى الشرق و جامعة الشرق و مَصيَف الشرق و مصرفه و بوابته على المتوسط حتى كنّا الواجهة الفرانكوفونيّة للشرق و كان ذلك جلياً في مؤتمر الفرانكوفونية الذي انعقد في لبنان جامعاً بلدان العالم بسعيٍ حثيث من الشهيد رفيق الحريري… أصبح طلابنا بلا جامعة و مرضانا بلا مستشفيات و مع قرض الحسن المنافي للقوانين الدولية و الأعراف و الأنظمة الذي خرقها و حتى مرفأنا تم تدميره و أضحى مقبرة بدل أن يكون بوابة! مقبرة رجال لبنان و أبطاله الدين يقبعون في عليائهم و يرزح أهلهم للتهديد كل ما اجتمعوا مطالبين بالعدالة لضحياهم.

هذه السلطة التي من خلال نبيه برّي المفروض أن يكون رئيس مجلس نوّاب ممثلاً كلّ اللبنانيين يلعب دور رئيس ميليشيا تحمل سلاح غير شرعي و منافي للدستور و القوانين التي مفروض على المشرّعين حمايتها تعرّض لبنان اليوم لحرب رأيناها تبدأ و لا نعرف كيف ستنتهي و من سيكون فريق الضحايا و طبعاً ندرك طيباً من يضحي باللبنانيين و يحارب على طريقة المسيح "من ضربك على خدك الأيمن، دِر له الأيسَر" سيكون أول البائعين و المفاوضين لأجل ضمان بقاء سلاحه و سيطرته على لبنان لتهديمه كرمى لعيون إيران من خلال نزعة دينية متطرفة ستؤذينا كما الإن لكن بالنهاية ستنقلب على أصحابها و تلغيهم.
فالكتاب لا يكذب و التاريخ يشهد على أمثلة كثيرة فالجماهير لا تعقل، فهي ترفض الأفكار أو تقبلها كلاً واحداً، من دون أن تتحمّل مناقشتها. وما يقوله لها الزعماء يغزو عقلها سريعاً فتتّجه إلى أن تحوّله حركة وعملاً، وما يوحى به إليها ترفعه إلى مصاف المثال ثم تندفع به، في صورة إرادية، إلى التضحية بالنفس. إنها لا تعرف غير العنف الحادّ شعوراً، فتعاطفها لا يلبث أن يصير عبادة، ولا تكاد تنفر من أمر ما حتى تسارع إلى كرهه. وفي الحالة الجماهيرية تنخفض الطاقة على التفكير، ويذوب المغاير في المتجانس، بينما تطغى الخصائص التي تصدر عن اللاوعي. وحتى لو كانت الجماهير علمانية، تبقى لديها ردود فعل دينية، تفضي بها إلى عبادة الزعيم، وإلى الخوف من بأسه، وإلى الإذعان الأعمى لمشيئته، فيصبح كلامه دوغما لا تناقش، وتنشأ الرغبة إلى تعميم هذه الدوغما. أما الذين لا يشاطرون الجماهير إعجابها بكلام الزعيم فيصبحون هم الأعداء. لا جماهير من دون قائد كما لا قائد من دون جماهير. كتب لوبون قبل قرن من الزمن 
 
ملح وطننا سيبقى وحدتنا الداخلية و تكاتف أبنائه التي من دونها عانَينا و لا نزال نعاني و نرزح تحت نَير الإحتلال و لا زال المحتل ينكّل فينا و كما سرق من ملح الوطن و عبث به، ها هو يسرق من أحلامنا و مستقبلنا و حتى محاولة سرقة أحلام الأجيال التي ستبني لبنان و لكنهم نسوا و لو بعد حين مدته ١٩ أو ١٩٠ أو ١٩٠٠ سنة سيبقى لبنان، سيبقى لبنان و سيبقى لبنان!