وائل الزين


يبذل حزب الله جهوداً حثيثة في سعيه لنيل تأييد و عطف الشعب اللبناني، محاولاً تصوير نفسه كقوّة دفاعيّة أساسيّة تعمل على حماية لبنان و مصالح أهله. يسعى الحزب إلى تعزيز مكانته و أيديولوجيّته ضمن الوعي الجماعي، من خلال إبراز دوره في الصراعات بالجنوب، مع الادّعاء الدائم بأنّ هذه الجهود تُبذل دفاعاً عن الوطن.

و مع ذلك، يظهر أنّ غالبيّة اللبنانيين يجدون أنفسهم غير معنيّين بمعارك حزب الله و لا يشعرون بالارتباط بها. هذا يطرح تساؤلاً جوهريّاً: لماذا يعاني حزب الله من هذه المعضلة في كسب التأييد؟ إنّ الإجابة تكمن في سلسلة من التصرّفات و الأحداث المستفزّة التي أثارت استياءً عميقاً بين أفراد الشعب اللبناني.

تاريخ طويل من الظلم بدأ بتورُّط الحزب في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، و تبِعه مظاهر الاحتفالات لجمهور الحزب و قياداته عند استشهاد رموز 14 آذار و شخصيات مؤثّرة مثل وسام عيد، وسام الحسن، و محمد شطح. كذلك، يُضاف إلى سجل الحزب تمجيده ليوم 7 أيار و تغطيته على المسؤولين عن تفجير مرفأ بيروت، الذي خلَّف دماراً هائلاً في بيروت، و تعطيل الحزب للتحقيق و قيامه بهجوم الطيّونة لتطويع فئة من اللبنانيين. فضلاً عن التدخُّل في سوريا بأعمال تهجير و تغيير ديموغرافي لصالح المصالح الإيرانية. و زاد من نقمة البنانيين معارضة الحزب لثورة 17 تشرين، و رفضه للإصلاحات الاقتصادية و السياسية التي تهدف إلى محاربة الفساد. حتى المجتمع الشيعي نفسه لم يسلم من ظلم حزب الله، من ترهيب للأحرار الشيعة إلى اغتيال هاشم السّلمان و لقمان سليم.

هذه الأفعال هي جزء صغير من تاريخ طويل من الإستقواء و التسلُّط على اللبنانيين ممّا وسّع الفجوة بين الحزب و قسم كبير من الشعب اللبناني، هذا ما حدَّ من قدرة اللبنانيين على التعاطف معه، باستثناء التعاطف الذي يُظهره اللبنانيون تجاه المدنيين و أهالي الجنوب، الذين يمثّلون جزءاً لا يتجزّأ من النسيج الوطني. لكلّ بذرة قدَرها المحتوم؛ زرع الإحسان يورِّق أغصان الفرح، بينما يؤسّس الظلم لغابات من الأسى. اختر حكمتك بعناية، فما تنثره اليوم من بذور، يحدّد حصاد غدِك.


المصدر : Transparency News