مطر في إفطار رمضانيّ: طرابلس تتألق بإيمانها رغم الحرمان
19-03-2024 10:27 PM GMT+02:00
بعد قراءة قرآنية تلاها الشيخ محمّد الزعبي، رحّب النّائب إيهاب مطر بالحضور وبارك لهم حلول شهر رمضان المبارك، واصفًا اللقاء معهم بلقاء "الأحبّة"، ومنوّهًا بأهمّية استكمال المسيرة مع النّاس والـ (IMD) حتّى آخر فرصة لتغيير الواقع.
وأكّد النائب مطر في كلمة له، أنّ الشهر الفضيل يجمع النّاس على موائد، كلام وفعل الخيرات، وقال: "في هذا الشهر الفضيل، تتألّق مدينة طرابلس بامتياز، وذلك على الرّغم من كلّ ما واجهته المدينة من صعوبة الظروف، الحرمان، ووجع عائلات كثيرة وشباب طرابلسيّ لم يتمكّن من تحقيق طموحه، لكن تبقى المدينة متألّقة لأنّها فيحاء تقوى وإيمان، ولأنّ أهلها طيّبون واعتادوا على أنْ يعتصموا بالصبر والنيّة الحسنة".
وإذْ شدّد مطر على اللحظات الإيمانية التي رآها بأنّها مميّزة كعادتها في طرابلس، لفت إلى وجود نقص تُعاني منه المدينة على الصعيد الإنمائي تحديدًا، قائلًا: "في الوقت الذي نعيش فيه لحظات مميّزة لم نعشها ولم نتذوّق حلاوتها منذ زمنٍ طويل، وفي وقتٍ نستمتع فيه بزينة المدينة التي تعيش بهجة فعلية في شهر البركات بعد مبادرات مشكورة، يوجد مواطنون يشعرون بأنّ فرحتهم ناقصة دائمًا على الصعيد الإنمائي، وذلك في مناطق المدينة كافّة، الشعبية وحتّى الحديثة منها، كلّها تُعاني من أزمة، لكن بعض الأحياء لا صوت له يوصل حاله أو معاناته الحقيقية، لكن منذ الانتخابات حتّى اللحظة، تعاهدنا مع كلّ طرابلسيّ ولبنانيّ أنْ نكون صوته"، داعيًا الجميع إلى عدم الشعور بالاستحياء أو التردّد في طلب حقوقه الإنمائية والإنسانية في البلاد، "علمًا بأنّ مبدأ (لا حياة لمن تُنادي) يسري على هذه الدّولة".
وتحدّث النائب مطر عن الإنماء وكيفية رصده لتردّي الأوضاع في بعض مناطق المدينة، مضيفًا: "في العام الماضي، اخترنا الإنماء لطرابلس، وفي العام الحالي سنختار الإنماء لها أيضًا، خاصّة حينما نرصد مؤشرات تصف تردّي الأوضاع بوضوح، لذلك علينا التحرّك باستمرار، نتحرّك في الحدّادين وأبي سمراء، لنخفّف من حفريات وخنادق أحيائهما وشوارعهما، بدءًا من الزيتون حيث توجد المدارس والجامعات، للشلفة، الشوك ومرورًا بساحة مرج الزهور التي كانت تُزرع بساحاتها شجر الزيتون، أمّا اليوم وللأسف، تُزرع فيها أطول حفريات بتاريخ المدينة".
وتابع قائلًا: "ومن القبّة التي واجهت الأمرّين في الحروب وتوجد فيها بيوتًا آيلة للسقوط، ما زالت تُعاني من أزمة المياه الشحيحة التي لا تُعدّ هي الأولى من نوعها على صعيد هذه المنطقة، بسبب التقنين، أو اهتراء الشبكة، أو ارتفاع المنطقة الذي يُصعّب فعليًا وصول المياه ودفعها بمضخات تعمل بأمبير واحد للأسف".
ومن القبّة، انتقل النائب مطر إلى أزمة تلوّث المياه في البداوي، معتبرًا أنّ هذه الأزمة التي تُواجهها كلّ من البداوي ووادي النحلة وتسبّب بها تلوّث المياه الجوفية التي تسرّبت إليها المواد الكيماوية التي تُرمى على أرض مصفاة البدّاوي، تُؤكّد أنّ شباب المنطقة لا يستفيدون من المصفاة على أرضهم أو من قرب معمل الكهرباء منهم على الصعيد الاقتصادي، فلا تُؤمّن لهم فرص عمل كأولوية ضمن مرافق اقتصادية مهمّة، بل "أخذوا الأولوية بالضرر فحسب، ولا يوجد من يدفع لهم ثمن العطل والضرر الصحي والنفسي أبدًا".
ولم يغفل النائب عن أزمة الحفريات الممتدّة من المنية وصولًا إلى البداوي أيّ ضمن الأوتوستراد الرئيسي والوحيد الذي يربط بين عكّار وطرابلس، قائلًا: "إنّ المعنيين لم يروا الحفريات من أوتوستراد المنية، مرورًا بدير عمار وصولًا إلى البدّاوي، وكانت تسبّبت بحوادث سير وتكسير للسيارات، وهم يحتاجون إلى من يُعينهم، ولهذا السبب يقولون للمواطن أعطنا المال للتصليح، أو أعطنا المازوت لنتحرّك مثلًا على قاعدة قطع إيده وشحد عليها".
واعتبر مطر أنّ وجود المشاكل الاقتصادية والإنمائية في البلاد، يُؤدّي إلى "استحالة" تكوين الأساس الوطنيّ الثابت أو المريح للمواطن، موضحًا أنّ هذه الأزمات يُمكن أنْ تُفسّر ولو جزئيًا سبب التردّي الأمني والأخلاقي في البلاد، "مع العلم أنّ طرابلس ما زالت تحتفظ ببساطتها وطيبة قلب شعبها على الرّغم من الظروف، وهذه مفارقة عجيبة قد تكون ببركة من الله، لكن لا نخفي وجود فلتان أمني في الأسواق وفي مناطقنا الشعبية وأحيائنا حيث يكثر الرصاص الطائش بعرس أو من دون عرس، وعلى شكل مفرقعات نارية تحرق البيوت وتُؤذي النّاس، وبوجود دراجات نارية بات بعضها يُسهم في ارتكاب جرائم يومية من سرقة، نشل، قتل وأذية النّاس والأطفال عدّا عن تسببّ البعض منهم بحوادث سير بسبب العشوائية، وهو ما نرصده يوميًا في مناطق المدينة كلّها من دون استثناء".
وشدّد مطر على أهمّية التدخل الأمني في المدينة خاصّة في هذه الظروف، كما بأهمّية اختيار المواطن اللبناني لمبدأ التطوير المستمر، قائلًا: "بالتأكيد نحن بحاجة إلى القوى الأمنية والعسكرية التي نناشدها دائمًا وأبدًا للتدخل، كما نطالب أيضًا بأهمّية اختيار التغيير والتطوير الإنمائي، وألّا نتقبّل الواقع ميدانيًا كما هو عليه، وذلك تنفيذًا لحديث النبّي محمّد صلّى الله عليه وسلم الذي يقول: "من رأى منكم منكرًا فليُغيّره بيده، فإنْ لم يستطع فبلسانه، فإنْ لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان، رواه مسلم".
سياسيًا، تحدّث مطر عن سيناريو التعطيل في انتخاب رئيس الجمهورية، معارضًا سياسية "العوج" التي باتت تُنفذ في هذا الميدان محلّيًا. وقال: "البلد أعوج، لأنّ أصحاب الشأن قاموا بتخريبه ودفعوا بأهله إلى جهنّم بعد ما سادوا بالمؤسسات فسادًا، حتّى رئيس الجمهورية اختلفوا عليه لأنّ كلّ طرف يبتغي تسيير كلمته على الآخر في اختيار الشخصية التي لا بدّ لها أنْ تكون وفق مصلحته لا مصلحة اللبنانيين، ولا تقوم أيضًا إلّا بتنفيذ أجندته في لبنان، من هنا، أصبح سيناريو التعطيل ثابتًا عند كلّ استحقاق، فلا يخفى على أحد أنّ لبنان ما زال من دون رئيس منذ سنة ونصف السنة تقريبًا، لكنّنا الآن نرى جزءًا كبيرًا منه يُدمّر ويُهجّر ويُقتل أبناؤه بسبب عدوانية العدو الإسرائيلي من جهة، وبسبب تفرّد فئة مسلّحة بقرار الحرب والسلم من جهة ثانية، وهي تعتبر نفسها ممثلة لمحور إقليميّ وهمّها الحرص على تأمين مصالحه وحتّى ولو خرب البلد... والله يعين".
إلى ذلك، أوضح مطر أنّ الشرعية تُعدّ المبدأ الوحيد الذي يبني الأوطان، كما تطرّق في كلمته إلى ثلاثة أنواع من الشرعية، أولها، بأنْ يكون الجيش اللبناني هو الجهة الوحيدة المسلّحة، وثانيها بأنْ يعود لبنان إلى موقعه العربيّ وتميّزه بعلاقاته مع أشقائه العرب ضمن علاقة مصير مشترك ومصلحة مشتركة، أمّا ثالثها، فيكمن في أهمّية الاحتفاظ بالشرعية الدّولة التي "دعمتنا بمحطّات أساسية، ومنها القرار 1701 الذي يبقى الحلّ المنطقيّ للوضع جنوبًا".
وختم مطر قائلًا: "لا يُمكننا أن نغفل عن أهمّية تقديم واجب العزاء لكلّ من فلسطين ولبنان، ونتمنّى الشفاء للجرحى والصمود بوجه آلة اسرائيلية عنصرية، متطرّفة، حقودة ومجرمة تُمثلها شخصية نتنياهو، لذلك نقول لا مفرّ من حلّ الدولتين وفق المبادرة العربية".