حسين عطايا - كاتب وباحث سياسي


قبل أيام، تناقلت وسائل الإعلام اللبنانية والعربية، سواء المكتوبة أو المرئية وغيرها، خبر زيارة وفيق صفا، رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. ولكن اللافت في الخبر هو أنّ سفر صفا إلى الإمارات تم عبر طائرة خاصة قدمتها الدولة الإماراتية. والجميع يعلم أن العلاقات بين حزب الله والإمارات يشوبها الكثير من التوتر، خاصة بعد كشف الإمارات لبعض الخلايا الأمنية التي تعمل لصالح الحزب أو مرتبطة به، بعضها يقوم بجمع التبرعات وبعضها الآخر بأنشطة تجسسية وأمنية وغيرها. كما أن الإمارات تعتقل عددًا من اللبنانيين الشيعة، وقامت بطرد وإبعاد العديد من المنتمين للطائفة الشيعية الكريمة. 
من هنا، تأتي الزيارة في ظرف استثنائي وحرج نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة وفي جنوب لبنان. لذا، هذه الزيارة تُحاط بالعديد من الغموض والشُبهات والاعتبارات، لا سيما أن دولة الإمارات على علاقة مع الكيان الإسرائيلي عبر اتفاقية سلام وتطبيع، وبالتالي الحزب على النقيض من ذلك. كما أن الحزب يتهم كل من يخالفه بالرأي أو يعارضه بالعمالة والخيانة، وهذا الأمر أدى إلى طرح الكثير من التساؤلات حول الزيارة وتوقيتها وأهدافها.

من هو وفيق صفا:
ولد وفيق عبد الحسين صفا، الملقب بالحاج وفيق، في الأول من أيلول/سبتمبر 1960 في بلدة زبدين، قضاء النبطية جنوب لبنان. انضم إلى صفوف “حزب الله” عام 1984، أي بعد سنتين من تأسيس الحزب، وعين رئيسًا للجنة الأمنية عام 1987. ليصبح بعد انتهاء الحرب الأهلية رئيسًا للجنة التنسيق والارتباط التي نشأت بهدف التنسيق مع الأجهزة الأمنية، وفيما بعد توسعت مهامه ليضاف إليها مهمة العلاقات مع بقية الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية، كما الفلسطينية التي تتواجد في لبنان.
بالعودة إلى موضوع الزيارة فقد أشارت بعض المعلومات إلى أنها تهدف إلى حلحلة قضية الموقوفين في سجون الإمارات، على أن يكون هناك تطور ما في هذه المعضلة، وقد تكون إيران قد تدخلت في الموضوع وساهمت في إيجاد الحلول لها. وكان من المتوقع أن تنتهي زيارته يوم أمس الأربعاء وعودته مع بعض المفرج عنهم أو عائلاتهم، لكن لسبب ما تم تمديد الزيارة وقد تنتهي اليوم (الخميس). وقد كشفت بعض المصادر أن تكون لزيارة صفا علاقة ببعض جوانب الحرب الدائرة في جنوب لبنان، خصوصاً أن هناك موفدين كُثر ومراسلات أيضًا تتم بين الإمارات ولبنان، وقد يكون للزيارة علاقة بهذا الأمر.

"كما أن المهم في الموضوع أن الزيارة أضافت واقعًا جديدًا على حزب الله. فما كان يصنف من المحرمات في الماضي القريب، وفقًا لنظرية جماعة الممانعة وخطابهم السياسي، قد تغير ودخل في مرحلة جديدة. من هنا، يتبين أن حزب الله يُحلل لنفسه أشياء كثيرة يُحرمها على غيره من الأطراف اللبنانية ولاسيما معارضيه، وعلى وجه الخصوص من المعارضة والشيعية منها تحديدًا.
فهل سيجرؤ بعد اليوم حزب الله على نعت الآخرين بالخيانة والعمالة؟ لاسيما بعد أن كان هو محركًا ودافعًا لصفقة ترسيم الحدود البحرية، وتنازله عن الخط 29 وقبوله بالترسيم وفقًا للخط البحري الوهمي 23، وبذلك تنازل عن مساحة 1435 كلم مربع مع ماتحتويه من موارد وثروات لبنانية بحرية. وتلك الصفقة تمت مع الكيان الإسرائيلي وهي بمثابة اتفاق واعتراف بدولة إسرائيل، خصوصا بعد أن سُجلت في الأمم المتحدة وأصبحت اتفاقية رسمية بين دولتين - دولة الجمهورية اللبنانية ودولة إسرائيل. 
تأتي زيارة صفا إلى الإمارات والتي يتهمها بالسلام والتطبيع مع إسرائيل لتكون بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، مابين الخطاب السياسي والفكري الذي كان الحزب يعتمده، ليتظهر أن الممارسة السياسية قد اختلفت، وبالتالي يسمح الحزب لنفسه بما يمنعه على غيره.

(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News